جميع ما يضاف إلى الله أنه يفهم من غير الوجه الذي يضاف إلى الخلق ؛ فمثله أمر الشهادة ، والله أعلم.
وروي عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : (شَهِدَ اللهُ) إلى قوله : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) على معنى جعل أنّه صلة في الكلام ، وحقيقته : شهد الله الذي لا إله إلا هو ، والملائكة ، ومن ذكر : أن الدّين عند الله الإسلام (١) ، والإسلام ـ في الحقيقة ـ : جعل كلية الأشياء لله له ، لا شريك له فيها : في ملك ، ولا إنشاء ، ولا تقدير. والإيمان : التصديق بشهادة كلية الأشياء لله تعالى ، بأنه ربّها وخالقها على ما هي عليها ، جلّ عن الشركاء.
وقد قيل : الإسلام : خضوع (٢).
وقيل : الإخلاص (٣) ، وهو يرجع إلى ما بيّنا ، وذلك كقوله : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ) [الزمر : ٢٩] ، والإيمان : هو التصديق [لله تعالى](٤) بما أخبر أنه ربّ كل شيء ، وأن له الخلق والأمر.
وقيل : هو التصديق بما جاءت به الرسل ، وذلك يرجع إلى ما بينّا ، أيضا. والله أعلم.
وقوله : (قائِماً بِالْقِسْطِ) : قيل : هو عادل لا يجور (٥) ، [لا أن](٦) للقيام معنى في ذلك ؛ كقوله : (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) [النساء : ١٣٥] بمعنى : كونوا عادلين مقسطين ، والله أعلم.
وقيل : قيام تولّ وحفظ ، أو كفاية وتدبير (٧) ؛ كما يقال : فلان قائم بأمر كذا ، لا على توهم انتصاب ؛ وعلى ذلك قوله : (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) [الرعد : ٣٣].
وقوله : (فَإِنْ حَاجُّوكَ)
ولم يقل : في ما ذا يحاجوك ؛ فيحتمل ـ والله أعلم ـ أن يكون هذا بعد ما علم الله أنهم لا يؤمنون ولا يقبلون الحجة ـ أمره بترك المحاجّة بقوله : (فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ) ؛
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز لابن عطية (١ / ٤١٢) ، وتفسير القرطبي (٤ / ٢٨) ، والبحر المحيط (٢ / ٤٢٠).
(٢) قال أبو جعفر النحاس في معاني القرآن (١ / ٣٧١) ؛ الإسلام في اللغة : الخضوع والانقياد ، ومنه استسلم الرجل. فمعنى أسلم : خضع وقبل ما جاء به محمد صلىاللهعليهوسلم.
(٣) قاله ابن الأنباري كما في تفسير الفخر الرازي (٧ / ١٨١).
(٤) في ب : بالله.
(٥) قاله الحسن ، أخرجه عنه ابن أبي حاتم (٢ / ١٥١) ، رقم (٢٥٣).
(٦) في ب : لأن.
(٧) قاله البغوي في تفسيره (١ / ٢٨٦) ، ثم قال : فالله ـ تعالى ـ مدبر ورازق ومجاز بالأعمال.