وكذلك : من اتبعني أسلموا أنفسهم لله ؛ كقوله : (وَتَوَلَّى عَنْهُمْ) [يوسف : ٨٤](فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) [النساء : ٦٤] أيأسه عن إيمانهم ، وأمره بترك المحاجة معهم.
وقوله : (فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ) :
أي : أخلصت (١).
ثم يحتمل قوله : (وَجْهِيَ لِلَّهِ) ، أي : نفسى لله لا أشرك فيها أحدا ، ولا أجعل لغير الله فيها حقا ، على ما جعل الكفار في أنفسهم شركاء وأربابا (٢).
قال الشيخ ـ [رحمهالله] ـ (٣) : وقيل : الإسلام أن يجعل نفسه بكليتها لله ـ [تعالى] ـ (٤) سالمة ، لا شركة (٥) فيها لأحد ؛ كما قال : (وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ) [الزمر : ٢٩] والإيمان : هو التصديق لشهود الربوبية لله من نفسه وغيره ؛ لأنه ما من شيء إلا وفيه شهادة الربوبية.
وقوله : (وَمَنِ اتَّبَعَنِ) :
أي : ومن (٦) اتبع ديني ، فقد أسلموا أنفسهم لله [تعالى](٧) أيضا ، لم يشركوا فيها شركاء وأربابا.
ويحتمل قوله : (وَجْهِيَ لِلَّهِ) ، أي : أسلمت أمر ديني وعملي لله ؛ وكذلك من اتبعني واتبع ديني ، فقد أسلموا أعمالهم وأمورهم لله (٨) ؛ كقوله ـ [تعالى] ـ (٩) : (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) [غافر : ٤٤] ، وفي حرف ابن مسعود [رضي الله عنه](١٠) : «ومن اتبعنى» (١١) أي : ومن معي.
__________________
(١) وهو قول الفراء ولم يشاركه هذا القول غيره كما قال الرازي.
وينظر : تفسير الرازي (٧ / ١٨٤) ، وتفسير البغوي (١ / ٢٨٧) ، والوسيط (١ / ٤٢٤).
(٢) ذكره الرازي في «تفسيره» (٧ / ١٨٤). وينظر : معاني القرآن لأبي جعفر النحاس (١ / ٣٧٣).
(٣) سقط من ب.
(٤) سقط من ب.
(٥) في ب : شريك.
(٦) في ب : من.
(٧) سقط من ب.
(٨) ذكره الرازي في التفسير (٧ / ١٨٥).
(٩) سقط من ب.
(١٠) سقط من ب.
(١١) وأثبت الياء في «من اتبعني» نافع من السبعة ، وأبو عمرو وخلاد ووصلاً ، وحذفوها وقفا ، وقرأ الباقون بحذفها وقفا ووصلا.
راجع : إتحاف فضلاء البشر (١ / ٤٧٣) ، البحر المحيط (٢ / ٤٢٨) ، حجة القراءات لابن خالويه (ص : ١٥٨) ، الدر المصون للسمين الحلبي (٢ / ٥٠).