المسمومة (١) ، وقطع مسيرة شهر في ليلة (٢) ، وغير ذلك من الآيات مما يكثر عددها ؛ هذه كلها كانت حسّية (٣).
وأمّا العقلية : فهذا القرآن الذي نزل عليه ، وهو بين أظهرهم ، وهم (٤) فصحاء وبلغاء وحكماء ، يتلى عليهم : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ..). الآية [البقرة : ٢٣] ، وقوله : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ
__________________
ـ مشاهد عظيمة ، ووردت عنه من طرق كثيرة ، يفيد عمومها العلم القطعى ، المستفاد من التواتر المعنوي ، ولم يسمع بمثل هذه المعجزة العظيمة من غير نبينا صلىاللهعليهوسلم حيث نبع الماء من بين عظمه وعصبه ولحمه ودمه.
قال قتادة وغيره عن أنس : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالزوراء ، وحانت صلاة العصر ، والتمس الناس الوضوء ، فلم يجدوا ماء ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بوضوء ، فوضع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يده في فتحة الإناء فحين بسط يده منه ، فضم أصابعه ، فأمر الناس أن يتوضئوا منه ، فرأيت الماء ينبع من بين أصابع النبي صلىاللهعليهوسلم فتوضئوا من عند آخرهم.
قال قتادة : قلت لأنس : كم كنتم؟ قال : كنا زهاء ثلاثمائة. رواه الشيخان.
وراجع : المواهب اللدنية للقسطلاني (٥ / ١٥٢) ، سبل الهدى والرشاد (١٠ / ١٣).
(١) وأخرج قصة الشاة المسمومة البخاري «عن أبي هريرة قال : لما فتحت خيبرا أهديت لرسول الله صلىاللهعليهوسلم شاة فيها سم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : اجمعوا من كان هاهنا من اليهود ، فجمعوا له ، فقال لهم : إنى سائلكم عن شيء فهل أنتم صادقى؟ قالوا : نعم ، قال : من أبوكم؟ قالوا : فلان. قال : كذبتم ، بل أبوكم فلان. قالوا : صدقت وبررت ، قال : أجعلتم في هذه الشاة سمّا؟ قالوا : نعم. قال : ما حملكم على ذلك؟ قالوا : أردنا إن كنت كاذبا استرحنا منك ، وإن كنت نبيّا لم يضرك» ، أما كلام الشاة المسمومة النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقد أخرجه أبو داود (٤٥١٠) ، ومن طريقه البيهقي (٤ / ٢٦٢) من طريق الزهري عن جابر قال : «إن يهودية سمت شاة مصلية ثم أهدتها للنبي صلىاللهعليهوسلم ، فأخذ النبي صلىاللهعليهوسلم الذراع فأكل منه وأكل رهط من أصحابه معه ، ثم قال لهم النبي صلىاللهعليهوسلم : «ارفعوا أيديكم». وأرسل النبي صلىاللهعليهوسلم إلى اليهودية فدعاها. فقال لها : «أسممت الشاة؟» فقالت : نعم ، ومن أخبرك؟ فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : أخبرتني هذه في يدي : الذراع ، فقالت : نعم ...» الحديث.
وهذا منقطع ؛ لأن الزهري لم يسمع من جابر ، قاله الحافظ ابن حجر في الفتح (٨ / ٢٨٢).
ينظر : صحيح البخاري (٥ / ٥٥٠) : كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها ، باب قبول الهدية من المشركين ، رقم (٢٦١٧) ، ومسند أحمد (٢ / ٤٥١) ، (٣ / ٢١٨) ، والخصائص الكبرى للسيوطي (١ / ٤٢٥).
(٢) المراد بذلك معجزة الإسراء من البيت الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى بالشام. وورد ذلك في صحيح البخاري (٧ / ٦٠٠ ـ ٦٠٢) : كتاب مناقب الأنصار : باب المعراج ، رقم (٣٨٨٧) ، ومسلم (١ / ١٤٥ ـ ١٤٧) : كتاب الإيمان : باب الإسراء برسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى السموات ، وفرض الصلوات ، رقم (٢٥٩ ـ ١٦٢) ، من حديث أنس بن مالك مطولا ، فانظره في الصحيحين.
(٣) وقد صنف العلماء كتبا في الخصائص والمعجزات منهم :
الإمام البيهقي والإمام أبو نعيم في دلائل النبوة ، وابن طولون في الخصائص ، والسيوطي في الخصائص الكبرى ، والإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي في سبل الهدى والرشاد في الجزءين التاسع والعاشر.
(٤) في ب : ومنهم.