أصابه في غير الحرم ، ثم لجأ إليه ، لا يحدّث ، ولا يجالس ، ولا يؤاكل ، ولا يبايع ، حتى يخرج منه ؛ فيؤخذ ، فيقام عليه الحد» (١).
وروي عن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : «لو وجدنا قاتل أبينا في الحرم لم نقتله» (٢).
وروي عن الحسن ـ رحمهالله ـ أنه قال في قوله : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) ـ كان هذا في الجاهلية ، فأما الإسلام : فلم يزده إلا شدة : من أصاب الحدّ في غيره ، ثم لجأ ـ إليه أقيم عليه الحدّ (٣).
يقال للحسن : إن الصيد كان يأمن في الجاهلية ، ثم الإسلام لا يرفع ذلك الأمن ؛ بل كان أمن الصيد في حال الإسلام. كهو في حال الجاهلية ؛ فعلى ذلك الأمن الذي كان في الجاهلية هو باق غير زائل في الإسلام.
وأصحابنا ـ رحمهمالله ـ يذهبون إلى ما روي عن ابن عباس وابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ الله ـ تعالى ـ حرّم مكّة يوم خلقها ؛ لم تحلّ لأحد قبلي ولا تحلّ لأحد بعدي ، وإنّما أحلّت لى ساعة من نهار ، لا يختلي خلاها ، ولا يعضد شجرها ، ولا ينفّر صيدها ، ولا يحتشّ حشيشها» (٤). أخبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن مكة بعد
__________________
ـ والخروج.
وحدود الله ـ تعالى ـ : محارمه.
والحد ـ اصطلاحا ـ : عقوبة مقدرة وجبت حقا لله ـ تعالى ـ على ذنب كالزنا والسرقة ، وشرب الخمر ، وغيرها.
ينظر : المصباح المنير ص (٤٨) (حدد) ، حاشية ابن عابدين (٣ / ١٤٠) ، بداية المجتهد (٢ / ٣٣٠).
(١) أخرجه ابن جرير في تفسيره (٧ / ٢٩ ، ٣٣) برقم (٧٤٥٤) ، (٧٤٥٩) ، (٧٤٦١) (٧٤٦٨) ، (٧٤٦٩) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٤١٤) (١٠٠٤) ، وعن عطاء بن أبي رباح أخرجه ابن جرير (٧٤٦٧) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٩٧) ، وزاد نسبته لابن المنذر ، والأزرقي ، وعبد بن حميد.
(٢) أخرجه ابن جرير الطبري (٧ / ٣٢) (٧٤٦٣) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٩٧) وعزاه لابن جرير عن ابن عمر ، ولعبد بن حميد وابن المنذر والأزرقي عن عمر بن الخطاب ، ولعبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس.
(٣) أخرجه ابن جرير (٧ / ٣٠) برقم (٧٤٥٨) ، وعن قتادة أخرجه عنه ابن جرير (٧ / ٢٩) ، برقم (٧٤٥٤) ، (٧٤٥٥) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٤١٦) (١٠٠٦) ، وعن مجاهد أخرجه ابن جرير (٧ / ٣٠) برقم (٧٤٥٦) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٩٦ ـ ٩٨) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.
(٤) أخرجه البخاري (٤ / ٥٢٠) في كتاب جزاء الصيد ، باب : لا ينفر صيد الحرم برقم (١٨٣٣) ، وفي (٥ / ٤١) كتاب البيوع : باب ما قيل في الصواع (٢٠٩٠) ، ومسلم في (٢ / ٩٨٨) كتاب الحج : باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها إلا لمنشد على الدوام (١٣٥٣) من حديث ابن عباس.