وعن الحسن : (وَمَنْ كَفَرَ) قال : من زعم أن الحج ليس بواجب (١).
وقيل : (وَمَنْ كَفَرَ) بالله ، قال : هو الذي إن حج لم يرج ثوابه ، وإن جلس لم يخش عقابه (٢).
وعن ابن عباس (٣) قال : (مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) ، والسبيل أن يصح بدن العبد ، وأن يكون له ثمن زاد وراحلة ، من غير أن يحجب».
ثم قال : (وَمَنْ كَفَرَ) ، يقول : ومن كفر بالحج فلم ير حجه برّا ، ولا تركه إثما (٤).
[وفي] قوله : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) دلالتان :
إحداهما : في الوجوب بقوله : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ) ، وأيد ذلك قوله : (وَمَنْ كَفَرَ) وما جاء من الأثر واتفاق القول.
والثانية : جعل البيت شرطا للقيام لما هو في قوله : (عَلَى النَّاسِ) ذلك ؛ فيكون فيه دليل لزوم (٥) الطواف ، تفسيره في قوله : (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) [الحج : ٢٩] ، وكذلك أيده قوله : (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ) [البقرة : ١٥٨] ، وأيّد ـ أيضا ـ ما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال في امرأة نفست : «أحابستنا هى؟» (٦) قيل : إنها أفاضت. وعلى ذلك اتفاق القول بلزوم الطواف ، والله أعلم.
فلما دلّ أن الطواف لازم لم يخل إمّا أن يكون الطواف المبدأ به في الحج ، أو الذي يختم به ، والذي يبدأ به لا يلزم كل الناس ـ ثبت أن الفرض هو الذي يختم به ، وهو
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٧ / ٤٨) برقم (٧٥٠٧) ، وعن عمران القطان (٧ / ٤٧) برقم (٧٥٠٣) ، وأخرجه ابن أبي حاتم (٢ / ٤٢٩) برقم (١٠٣٦) عن ابن عباس.
(٢) أخرجه ابن جرير (٧ / ٤٨) برقم (٧٥٠٩ ، ٧٥١٠) عن مجاهد بن جبر ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ١٠١).
(٣) أخرجه ابن جرير (٧ / ٣٨) برقم (٧٤٧٦ ، ٧٤٧٧) ، (٧٤٨٠) ، وابن أبي حاتم الرازي (٢ / ٤٢٥) (١٠٢٦) عن عكرمة.
(٤) أخرجه ابن جرير (٧ / ٤٩) ، (٧٥١٢) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٤٢٩) (١٠٣٧) ، والبيهقي في الشعب (٣ / ٤٢٧) (٣٩٧١). وعن أبي داود نفيع مرفوعا أخرجه ابن جرير (٧ / ٤٨) برقم (٧٥١١) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ١٠١) وزاد نسبته لابن المنذر.
(٥) الطواف بالبيت ركن من أركان الحج ؛ لقوله تعالى : (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) [الحج : ٢٩] والمراد به طواف الإفاضة ؛ لانعقاد الإجماع على ذلك ولهذا الطواف أسماء غير ذلك منها طواف الزيارة ، وطواف الفرض وقد يسمى طواف الصّدر ، والأشهر أن طواف الصدر هو طواف الوداع.
انظر : هداية السالك لابن جماعة (١ / ٤٩).
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه (٤ / ٤١٧) كتاب الحج ؛ باب : إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت ، ومسلم في صحيحه (٢ / ٩٦٤) : كتاب الحج باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض (١٢١١). وأحمد في المسند (٦ / ٣٩ ، ٩٩).