الخالية بتفرقها» (١) ، أمر بالكون مع الجماعة ، ونهي عن التفرق ؛ لأن أهل الإسلام هم الجماعة ؛ ألا ترى أنه قال في آية أخرى : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) [الأنعام : ١٥٣] وصف أهل دين الإسلام بالجماعة ، وأهل أديان غيرها بالتفرق.
وعن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أيضا ـ قال : حبل الله : الجماعة (٢).
وروي في بعض الأخبار أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من فارق الجماعة قيد شبر ، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه» (٣) يعني : حبل الإسلام.
وروي عنه ـ أيضا ـ قال : «إنّ الشيطان ذئب [الإنسان](٤) كذئب الغنم ، يأخذ الشّاذّة (٥) والقاصية (٦) والنّاحية (٧) ، فإيّاكم والشّعاب ، وعليكم بالجماعة والعامّة وهذا المسجد» (٨).
وروي عن علي [بن أبي طالب](٩) ـ رضي الله عنه ـ قال : «دعاني النبي صلىاللهعليهوسلم ليلة ثلاث مرات ، ثم قال : «يكون فى أمّتى اختلاف» ، قلت : كيف نصنع يا رسول الله إذا كان كذلك؟ قال : «عليكم بكتاب الله ؛ فإنّ فيه نبأ من قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وهو حكم فيما بينكم ، من يدعه من جبّار يقصمه (١٠) الله ، ومن طلب الهدى فى غيره يضلّه الله ، وهو حبل الله المتين ، وأمره الحكيم ، وهو الصّراط المستقيم ، وهو الّذي لا تختلف فيه الألسنة ،
__________________
(١) أخرجه ابن أبي حاتم (٢ / ٤٥٥) (١١٠٦) عن ابن عباس ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ١٠٧) وعزاه إلى ابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه الطبري (٧ / ٧١) (٧٥٦٢ ، ٧٥٦٣) ، وسعيد بن منصور (٥٢٠) ، والطبراني (٩٠٣٣) من طريق الشعبي عن ابن مسعود ، وإسناده فيه انقطاع ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ١٠٧) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) أخرجه الحاكم (١ / ٧٧) من حديث ابن عمر ، وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ووافقه الذهبي.
(٤) ما بين المعقوفين غير موجود بالأصل ومثبت من مسند أحمد ، وانظر التخريج.
(٥) الشاذة : ما افترق من الغنم. ينظر : اللسان (٤ / ٢٢٢٠) (شذذ).
(٦) القاصية : البعيدة ، وكل شيء تنحى عن شيء ، فقد قصا يقصو قصوا فهو قاص. ينظر : اللسان (٥ / ٣٦٥٧) (قصا).
(٧) الناحية : الجانب ، وأهل المنحاة : القوم البعداء ولعل المراد : الشاة البعيدة عن القطيع. ينظر : اللسان (٦ / ٤٤٤٥) (نحي).
(٨) أخرجه أحمد (٥ / ٢٣٢ ، ٢٤٣) ، وعبد بن حميد (١١٤) من حديث ابن مسعود ، وقال الهيثمي في «المجمع» (٥ / ٢٢٢) : رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد ثقات إلا أن العلاء بن زياد قيل : إنه لم يسمع من معاذ.
(٩) ما بين المعقوفين سقط من ب.
(١٠) يقصمه : يكسره كسرا فيه بينونة. والقصم : كسر الشيء الشديد حتى يبين. ينظر : اللسان (٥ / ٣٦٥٦) (قصم).