ولا يخلقه كثرة الرّدّ ، ولا تنقضي عجائبه» (١).
وقيل : حبل الله : دين الله (٢).
والحبل : هو العهد (٣) ؛ كأنه أمر بالتمسّك بالعهود التي في القرآن ، والقيام بوفائها ، والحفظ لها ، ونهي عن التفرق كما تفرقت الأمم الخالية ، واختلفت في الأديان.
وقوله : (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ) : بمحمد صلىاللهعليهوسلم (٤). وقيل : ألّف بين قلوبكم بالإسلام (٥).
وقيل : بالقرآن ، ولم يكن ذلك للدّين نفسه ، ولكن بلطف من الله منّ به على أهل دينه ، وأخبر أن التأليف بين قلوبهم نعمة ؛ لأن التفرق يوجب التباغض ، والتباغض يوجب التقاتل ؛ وفي ذلك التفاني.
وعلى قول المعتزلة : ليس من الله على المسلم من النعمة ، إلا ومثلها يكون على الكافر ؛ لأن الهدى والتوفيق ـ عندهم ـ هو البيان ، فذلك البيان للكافر كهو للمسلم ؛ وعلى قولهم ـ لا يكون من الله على أحد نعمة ؛ لأنهم لا يجعلون لله في الهداية فعلا ، إنما ذلك من الخلق ، وأمّا عندنا : فإنما يكون الإسلام بهدايته إياه ، فذلك من أعظم النعم عليه.
وقوله : (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً) :
أي : صرتم بنعمته إخوانا.
وقوله : (وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ) :
__________________
(١) أخرجه أحمد في مسنده (١ / ٩١) ، وابن أبي شيبة (١٠ / ٤٨٢) ، والترمذي (٥ / ٢٩) كتاب فضائل القرآن : باب ما جاء في فضل القرآن (٢٩٠٦) ، والبزار (٨٣٤ ، ٨٣٦ ـ كشف الأستار) ، وأبو يعلى في مسنده (٣٦٧) من طريق الحارث الأعور عن على ، وقال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حمزة الزيات وإسناده مجهول وفي حديث الحارث مقال.
(٢) ذكره البغوي في تفسيره (١ / ٣٣٣) عن ابن عباس ، وينظر اللباب في علوم الكتاب (٥ / ٤٣١).
(٣) وهو قول ابن عباس ومجاهد وعطاء وقتادة أخرجه الطبري (٧ / ٧١) (٧٥٦٥) وعبد الرزاق في «تفسيره» (١ / ١٢٩) عن قتادة. وينظر : تفسير البغوي (١ / ٣٣٣) ، واللباب في علوم الكتاب (٥ / ٤٣١).
(٤) وفيه قصة طويلة في الصلح بين الأوس والخزرج ذكرها محمد بن إسحاق وغيره من أهل العلم بالأخبار وينظر تفسير البغوي (١ / ٣٣٣ ـ ٣٣٨) ، واللباب في علوم الكتاب (٥ / ٤٣٩ ـ ٤٤٥) ، والوسيط (١ / ٤٧٤) ، وينظر أيضا تفسير الطبري (٧ / ٧٩ ـ ٨١).
(٥) أخرجه الطبري (٧ / ٨٢) (٧٥٨٨) عن السدي ، وابن أبي حاتم (٢ / ٤٥٧) (١١١٣) ، وروي أيضا عن مجاهد ومقاتل بن حيان والربيع بن أنس ، وينظر : معاني القرآن للنحاس (١ / ٤٥٤) ، المحرر الوجيز (٣ / ٢٥٠) ، وتفسير ابن أبي حاتم (٢ / ٤٥٧) (١١١٤ ـ ١١١٧) ، والوسيط (١ / ٤٧٤).