وعن أبي سعيد الخدرى يذكر أنه سمع النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «إنّ الله ليسأل العبد يوم القيامة حتّى يقول : ما منعك إذا رأيت منكرا أن تنكره؟ فإذا الله لقّن عبدا حجّته فقال : أي ربّ ، وثقت بك ، وفرقت من النّاس» (١).
وعن أبي هريرة (٢) ـ رضي الله عنه ـ قال : اجتمع نفر من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم [فقالوا : يا رسول الله](٣) ، أرأيت إن قلنا بالمعروف حتى لا يبقى من المعروف إلا ما عملنا به ، وانتهينا عن المنكر حتى لا يبقى ، أيسعنا ألا نأمر بالمعروف ولا ننهى عن المنكر؟ فقال : «مروا بالمعروف ، وإن لم تعملوا به كلّه ، وانهوا عن المنكر وإن لم تنهوا عنه» (٤).
ولا ينبغي للرجل أن يقول : لست ممن يعمل (٥) بالمعروف كله ، وينتهي (٦) عن المنكر كله ، حتى آمر غيري وأنهاه ، فإن فعله المعروف واجب عليه ، فلا يجب إذا قصر في واجب أن يقصر في غيره.
وقوله : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ).
يحتمل وجوها :
يحتمل : (كُنْتُمْ) : أي : صرتم خير أمّة أظهرت للناس ؛ بما تدعون الخلق إلى النجاة والخير.
ويحتمل : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) في الكتب السالفة ؛ بأنكم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر.
ويحتمل : تكونون خير أمة إن أمرتم بالمعروف ، ونهيتم عن المنكر.
ويحتمل : (كُنْتُمْ) : صرتم خير أمّة ، وكانوا كذلك هم خير ممن تقدمهم من الأمم ؛
__________________
(١) أخرجه أحمد (٣ / ٢٧ ، ٢٩ ، ٧٧) ، وابن ماجه (٥ / ٤٨٩) ، ٤٩٠) كتاب الفتن ، باب قوله تعالى : يا (أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ...) [المائدة : ١٠٥] (٤٠١٧) ، والحميدي (٧٣٩) ، وعبد بن حميد (٩٧٤) ، وأبو يعلى (١٠٨٩ ، ١٣٤٤) ، وابن حبان (٧٣٦٨) ، والبيهقي (١٠ / ٩٠) من حديث أبي سعيد الخدري.
(٢) هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، الحافظ ، صحابي أكثر من الرواية عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، ولزم النبي صلىاللهعليهوسلم كثيرا حتى صار أحفظ الصحابة للحديث وأرواهم له. مات سنة ٥٩ ه.
راجع : الخلاصة (٣ / ٢٥٢) ، سير الأعلام (٢ / ٥٧٨) رقم (١٢٦).
(٣) ما بين المعقوفين سقط من ب.
(٤) ذكره الهيثمي في «المجمع» (٧ / ٢٨٠) من حديث أنس وقال : رواه الطبراني في الصغير والأوسط من طريق عبد السلام بن عبد القدوس بن حبيب عن أبيه وهما ضعيفان.
(٥) في ب : يأمر.
(٦) في ب : ينهي.