يحتمل هذا لما جعل الله ـ تعالى ـ على العبد في كل حال نعمة ليست تلك في غيرها من الأحوال ، نحو : أن جعل القيام نعمة في قضاء حوائجه وتقلبه في تلك الحال ، وجعل القعود راحة له عند الإعياء ، وكذلك الاضطجاع ؛ فاستأداهم بالشكر له في كل نعمة على حال من تلك الأحوال ، ومدحهم على ذلك إذا فعلوا.
ويحتمل : أن يكون ـ تعالى ـ أمرهم أن يذكروه (١) في كل حال : في حال الرخاء والشدة ، وفي الضراء والسراء ، لا في حال دون حال ، على ما يفعله بعض خلقه : يذكرونه في حال الشدّة والضراء ، ولا يذكرونه في حال الرخاء واليسر ، ويذكرونه في (٢) حال الرخاء واليسر ، ولا يذكرونه في حال الشدة والبلاء ، فمدح المؤمنين أنهم يذكرونه في كل حال ، لا على ما يفعله أهل الشرك [على إرادة نفس القيام](٣) ، ونفس القعود والاضطجاع ؛ ولكن على كل حال وفي (٤) كل وقت ، والله أعلم.
وقيل : إنه جاء في رخصة صلاة المريض : يصلّي قائما إن استطاع ، وإلا فقاعدا إن لم يستطع ، وإلا فمضطجعا ، وكذلك روي عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه قال ذلك (٥).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)
إذ في خلقهما دليل وحدانيته ، وشهادة ربوبيته.
(رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً) :
أي : عبثا ، ولكنّ خلقهم دليل على وحدانيتك ، وشاهد على ربوبيتك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (سُبْحانَكَ) :
هو للتبرئة ، والتنزيه : هو إبعاده عن العيب ، وتبريئه (٦) منه ، وتطهيره عما يقول الكفار ، وهو حرف يقدم عند حاجات ترفع إليه ، ودعوات يدعى بها.
وقوله ـ عزوجل ـ : (رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) :
__________________
(١) في ب : بذكره.
(٢) في ب : على.
(٣) بدل ما بين المعقوفين في ب : على غير إرادة القيام.
(٤) في ب : في.
(٥) ينظر : تفسير القرطبي (٤ / ١٩٨).
وقال الرازي : والحمل على الأول أولى ؛ لأن الآيات الكثيرة ناطقة بفضيلة الذكر. ينظر : مفاتيح الغيب (٩ / ١١١).
(٦) في ب : تبرئة.