قيل : أذللته وفضحته وأهنته (١).
(وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) :
أي : مانع يمنع عنهم العذاب ويدفع ، ويحتمل الأنصار : الأعوان ، أي : ليس لهم أعوان يعينونهم في الآخرة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ) :
يحتمل هذا وجهين :
أحدهما : على حقيقة السمع أن سمعوا مناديا يدعوهم إلى الإيمان ، وهو رسول الله صلىاللهعليهوسلم أو القرآن ، كلاهما يدعوان الخلق إلى الإيمان بالله.
ويحتمل قوله : (سَمِعْنا)، أي : عقلنا ، وعقل كلّ أحد يدعو (٢) إلى التوحيد والإيمان به.
وقيل : سمعوا دعوة الله فأجابوها ، وصبروا عليها (٣).
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : المنادى : محمد صلىاللهعليهوسلم ، ثم قرأ : (لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ..). الآية (٤) [الأنعام : ١٩].
وعن غيره : المنادى هو القرآن (٥) ، يدعوهم (أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ).
[وقوله ـ عزوجل ـ : (فَآمَنَّا رَبَّنا)
فيه دلالة أن الإيمان ليس هو جميع الطاعات ، على ما يقول بعض الناس ؛ ولكنه فرد تصديق ؛ لأنه لما قال لهم : آمنوا بربكم لم يطلبوا التفسير ، ولا قالوا : كم أشياء تكون؟! ، ولكن أجابوه إجابة موجزة ، فقالوا : (فَآمَنَّا رَبَّنا)](٦). ثم فيه دلالة أن لا ثنيّا في الإيمان ؛ لأنهم أطلقوا القول في الإخبار عن إيمانهم من غير ذكر حرف الثنيا ؛ دلّ أن
__________________
(١) ينظر : تفسير الرازي (٩ / ١١٥) ، واللباب في علوم الكتاب (٦ / ١١٥ ـ ١١٦).
(٢) في ب : يدعى.
(٣) قاله قتادة : أخرجه عنه الطبري (٧ / ٤٨١) (٨٣٦٥) ، وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم كما في الدر المنثور (٢ / ١٩٦).
(٤) وقاله ابن جريج : أخرجه عنه الطبري (٧ / ٤٨١) (٨٣٦٣) ، وابن المنذر وابن أبي حاتم كما في الدر المنثور (٢ / ١٩٦) ، وقاله أيضا ابن زيد. أخرجه عنه الطبري (٧ / ٤٨١) (٨٣٦٤) ، وقاله ابن مسعود وابن عباس وأكثر المفسرين كما في اللباب (٦ / ١٢٠).
(٥) قاله محمد بن كعب القرظى : أخرجه عنه الطبري (٧ / ٤٨٠) (٨٣٦٢) ، وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والخطيب في «المتفق والمفترق» كما في الدر المنثور (٢ / ١٩٦) ، وأجاب من قال : إنه محمد ـ : إن من سمع القرآن فكأنما لقي النبي صلىاللهعليهوسلم ، وهذا صحيح المعنى ، أفاده القرطبي في تفسيره (٤ / ٢٠٢).
(٦) ما بين المعقوفين سقط من ب.