الشكر ؛ لما أنعم على أولئك ، وتحذيرا لهم عن مثل صنيعهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ).
لا لله ؛ إذ إليكم يرجع منفعة ذلك ، وأنتم تجزون (١) على ذلك :
(وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها).
أي : فعليها ؛ كقوله : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ ...) الآية [فصلت : ٤٦] ، أي : عليها ضرر ذلك ، وعلى ذلك جميع ما أمر الله عباده من الأعمال أو نهاهم عنها إنما أمر ونهى ؛ لمنفعة أنفسهم ولحاجتهم ؛ لا لمنفعة له أو لحاجة له.
وقال بعضهم : (وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) ، أي : إليها ، أي : إلى أنفسكم تسيئون.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ).
أي : إذا جاء وعد موعود الآخرة ، وهو العقوبة بعصيانهم وتكذيبهم رسل الله ، وقوله : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) ؛ بالتغيير وتبديل الدين.
(لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ).
بواوين : على الجماعة ، وبواو واحدة : على الواحد : لنسوء وجوهكم ، ولم يبين من يسوء وجوههم ؛ فيشبه أن يكون يبعث قوما يسوءون وجوههم ، كما ذكر في الوعد الأول : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) ؛ فهم يسوءون وجوهكم.
ومن قرأ بالنون (٢) : لنسوء وجوهكم : أضاف إلى نفسه ؛ لما بأمره ما كان يفعل وبتسليطه إياهم عليهم.
وقال بعضهم : ذكر الوجه ـ هاهنا ـ كناية عن الحزن والهمّ والإهانة لهم ؛ كما يقال في السرور : أكرم وجهه ، أي : أدخل فيه سرورا ، أو ذكر الوجه ؛ لما بالوجه يظهر ذلك التغير والقبح ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ).
في ظاهر الآية أن يدخل الأولون المسجد في المرة الثانية كما دخلوا في المرة الأولى ؛ لأنه قال : (كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) ، لكن يحتمل ليدخل عباد آخرون المسجد في المرة الثانية كما دخل الأوّلون في المرة الأولى.
__________________
(١) في أ : تحزنون.
(٢) ينظر : اللباب (١٢ / ٢١٥ ، ٢١٦).