ورجليه ، وقالا : نشهد أنك نبي الله ، فقال ـ عليهالسلام ـ : «فما يمنعكما أن تسلما؟» قالا : إنا إن أسلمنا يقتلنا اليهود.
فإن ثبت هذا الخبر ، فلا يجوز أن يتعدى إلى غيره من التأويل ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ).
يعنى : موسى ، صلوات الله عليه.
قال بعضهم : أمر رسولنا صلىاللهعليهوسلم أن يسأل بني إسرائيل الآيات التسع التي كانت في كتبهم على التقرير عندهم أنه إنما عرف ذلك بالله ، وأنه رسول ؛ لما علموا أن تلك الآيات في كتبهم بغير لسانه ، وكان لا يخط بيده ، ولا كان اختلف إلى أحد منهم ؛ ليعرف ذلك ؛ فدلّ أنهم علموا أنه إنما عرف ذلك بوحي السماء.
وقال بعضهم : ليس هو على الأمر أن يسألهم ذلك ، ولكن لو سألتهم لأخبروك عنها كقوله : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ...) الآية [النحل : ٤٣].
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً).
في عقلك ، أي : سحرت ، و «المسحور» : هو المغلوب في العقل.
وقولهم متناقض ؛ لأنهم قالوا مرة : ساحر ، ومرة : مسحور ، فالساحر : هو الذي يبلغ بالبصيرة غايته ، والمسحور : المغلوب.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ).
قوله : (عَلِمْتَ) بالنصب والرفع جميعا قد قرئا ، وأمكن أن يكون قال في ابتداء الأمر : قد علمت ما أنزل هذه الآيات إلا رب السموات والأرض ، وقال في آية أخرى لما أقامها عليه (لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ).
ما يبصر بها الحق من الباطل من لم يعاند ، ولم يكابر.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً).
قال موسى ـ عليهالسلام ـ لفرعون : (وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً) ، مقابل ما قال له فرعون ، حيث قال : (إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً).
قال بعضهم : «مثبورا» : هالكا.
[و] قيل : ملعونا.
وقال بعضهم : مبدلا.
ويحتمل قوله : (لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً) أي : تدعو على نفسك بالثبور ، وهو الهلاك كقوله : (وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً) [الفرقان ١٣] أي : هلاكا.