وقال الزجاج (١) : الرحمن : هو مأخوذ من الرحمة إلا أنه النهاية في الرحمة ؛ لأنه «فعلان» ، وهو ما يقال : غضبان ، إذا انتهى غضبه غايته ، وإلا قوله : «الرحيم» و «الرحمن» كلاهما من الرحمة إلا أن الرحمن «فعلان» والفعلان هو النهاية من وصف الرحمة ؛ لما ذكرنا ، وغيره من الخلائق لا يبلغون في الرحمة ذلك المبلغ ؛ لذلك خصّ بذكر «الرحمن» دون «الرحيم».
وهذا كله واحد ليس فيه خلاف ، وأصله ما ذكرنا لا يشرك غيره في هذين ، ويجوز في غيره.
وقوله عزوجل : (فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) أي : أسماؤه التي يسمى بها كلها الحسنى ، ليس شيء منها قبيحا.
أو أن يكون قوله : (فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) أي : كل أعمال صالحة ، وأمور حسنة له ، أي : تنسب إليه ، وتضاف ، ولا يجوز أن يضاف وينسب ما قبح منها ، وسمج ، وأصله : ما ذكرنا [أنه ينسب إليه](٢) كل حسن ، وكل صالح على الإشارة [ولا يجوز أن ينسب إليه كل قبيح سمج على الإشارة](٣) والتسمية به ، وهو ما يذكر : «التحيات لله ، والصلوات والطيبات ...» إلى آخره ، ينسب إليه كل طيب ، وكل حسن.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى).
هذا يحتمل وجهين :
أحدهما : له أسماء حسنة يسمى بها.
والثاني : أن كل حسن يسمى به غيره فهو راجع إليه في الحقيقة ، وهو مسمى به ، وكل حسن منسوب إليه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) ، اختلف أهل التأويل في ذلك :
قال بعضهم : قوله : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ) أي : لا تجعل صلاتك في مكان غيظا للمشركين (وَلا تُخافِتْ بِها) ، أي : ولا تسر عن أصحابك فتخفى عنهم ، لكن ابتغ بين ذلك سبيلا.
وقال بعضهم : لا تجعل كل صلواتك في جماعة ، ولا تخافت بها ، ولا كلها في غير
__________________
(١) ينظر : معاني القرآن وإعرابه (٣ / ٢٦٤).
(٢) في أ : إليه ينسب.
(٣) سقط في أ.