قيل (١) : أحسبت.
وقيل : قد حسبت.
ويحتمل بمعنى : بل حسبت ، كقوله : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى) [الشورى : ٢٤] أي : بل يقولون ، فعلى ذلك قوله : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ).
وقد ذكرنا في غير موضع أن حرف الاستفهام من الله يكون على الإيجاب والإلزام ، ثم هو يخرج على وجهين :
أحدهما : على الأمر : احسب واعلم : أن أبناء الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا.
أو ما ذكرنا : بل حسبت ، وهو كذلك.
أو يقول : لا تحسبن أن أصحاب الكهف والرقيم من آياتنا عجب ليس أعجب منها ، بل أتاك آيات أعجب منها بكثير ، والله أعلم.
ثم اختلف في (وَالرَّقِيمِ) قال بعضهم (٢) : (وَالرَّقِيمِ) : الكتاب ؛ كقوله : (كِتابٌ مَرْقُومٌ) [المطففين : ٩] ، أي : مكتوب.
وقال بعضهم (٣) : (وَالرَّقِيمِ) : الوادي الذي فيه كهفهم.
وقيل (٤) : (وَالرَّقِيمِ) : اللوح الذي كتب فيه أسامي الفتية.
وقيل : (وَالرَّقِيمِ) : القرية التي خرجت الفتية منها وكذلك روي عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : ما أدري ما الرقيم؟ لكني سألت كعبا عنها فزعم أنها القرية التي خرجوا منها (٥).
وقيل (٦) : (وَالرَّقِيمِ) : الكلب الذي كان معهم.
قالوا أمثال ما ذكرنا ، وليس بنا إلى معرفة الكهف والرقيم حاجة ، إنما ذلك بلسانهم ولم يسألوا عن الكهف والرقيم ، وإنما سألوا عن أصحاب الكهف والرقيم مما ينبغي لهم أن يشتغلوا به.
__________________
(١) انظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة (٢٦٣).
(٢) قاله ابن عباس أخرجه ابن جرير عنه (٢٢٨٩٨).
(٣) قاله مجاهد أخرجه ابن جرير عنه (٢٢٨٩٦) ، وهو قول قتادة والضحاك وغيرهما.
(٤) قاله سعيد بن جبير أخرجه ابن جرير (٢٢٨٩٩) ، وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه كما في الدر المنثور (٤ / ٣٨٤).
(٥) أخرجه ابن جرير (٢٢٨٩٥) وسعيد بن منصور وعبد الرزاق والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم والزجاجي في أماليه وابن مردويه كما في الدر المنثور (٤ / ٣٨٤).
(٦) قاله أنس بن مالك أخرجه ابن أبي حاتم عنه كما في الدر المنثور (٤ / ٣٨٤).