فيه.
وقال بعضهم (١) : ملجأ ، والله أعلم.
وقوله : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِ).
يحتمل : واصبر نفسك بالغداة والعشي مع الذين يدعون ربهم ، فيكون فيه الأمر بالجلوس لهم بالغدوات والعشيات ؛ للتذكير وتعليم العلم ، على ما تعارف الناس الجلوس للناس لذلك في هذين الوقتين ؛ إذ ذانك الوقتان خاليان عن الأشغال التي تشغلهم عن ذلك [ذكر] الغداة والعشي لما لم يجعل عليهم بعد صلاة الغداة صلاة ، وكذلك بعد العصر ؛ للذكر الذي ذكرنا وتعليم ما يحتاجون في ليلهم ونهارهم.
أو أن يكون ذلك كناية عن صلاة الفجر والعصر ؛ لما جاء لهما من فضل وعيد لم يجئ في غيرهما من الصلوات ؛ نحو ما ذكر : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) [الإسراء : ٧٨] ، وما روي في العصر من الوعيد : «من فاته العصر فكأنما وتر أهله وماله» (٢) ، ونحوه أمر بصبر نفسه على حفظ هذين ؛ لما ذكرنا مع من ذكر.
أو أن يكون لا على إرادة غداة أو عشي ، ولكن بالكون مع أتباعه في كل وقت والصبر معهم.
وقال أهل التأويل : ذكر هذا ؛ لأن رؤساء كفار مكة سألوه أن يطرد أتباعه من عنده ويتخذ لهم مجلسا ، فنزل قوله : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ ...) الآية [الأنعام : ٥٢] ، وقوله : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ ...) الآية.
وقالوا في قوله : (وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ) في أصحاب الكهف ، يقول : وأخبرهم ما سألوك مما أوحينا إليك من أخبار أصحاب الكهف ولا تزيد ولا تنقص عليه.
__________________
(١) قاله مجاهد ، أخرجه ابن جرير (٢٣٠٠٨ ـ ٢٣٠١٠) ، وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ٣٩٦).
(٢) أخرجه مسلم (١ / ٢٣٧) كتاب المساجد ومواضع الصلاة : باب التغليظ في تفويت صلاة العصر (١٠٢ / ٦٢٦) والنسائي (١ / ٢٥٤) كتاب المواقيت : باب التشديد في تأخير العصر من طريق سالم ابن عبد الله عن أبيه فذكره ، وأخرجه البخاري (٢ / ٢١٧) كتاب مواقيت الصلاة باب إثم من فاتته العصر (٥٥٢) ، ومسلم (١ / ٤٣٥) كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب التغليظ في تفويت صلاة العصر (٢٠٠ / ٦٢٦) من طريق نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله».
وأخرجه النسائي (١ / ٢٣٧) كتاب الصلاة : باب صلاة العصر في السفر من طريق عراك بن مالك عن نوفل بن معاوية وابن عمر ، فذكره بلفظ حديث الباب.