أضيف ذلك إليه ؛ فعلى ذلك قوله : (أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا) أي : خلينا بينهم وبين ما فعلوا ولم نمنعهم ، وهو تأويل جعفر بن حرب.
وقال بعضهم : أضاف ذلك إلى نفسه للأسباب التي أعطاهم من السعة والغناء والشرف في الدنيا ، فتلك الأسباب التي أعطاهم هي التي حملتهم على ذلك ؛ فأضيف إليه ذلك لذلك ، وهو ما قال : (وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا) [الزخرف : ٣٢] وهو تأويل أبي بكر الأصم.
وقال الحسن : (أَغْفَلْنا قَلْبَهُ) أي : خذلناهم وطبعنا على قلوبهم ، وهو يقول : إن للكفر حدّا إذا بلغ ذلك الحد يخذله ويطبع على قلبه ؛ فلا يؤمن أبدا.
فيقال : خذله في أول حال الكفر أو بعد ذلك بأوقات وزمان.
فإن قال : في أول حال كفره فهو قولنا.
وإن قال : لا في أول حاله ، ولكن بعد زمان ، فهو كافر موفق ومؤمن مخذول على قوله ، فنعوذ بالله مما قال.
ثم الجواب للأول ما ذكرنا من صرف التنزيل عن وجهه وظاهره ، فلو جاز لهم ذلك ، [لجاز] لغيرهم صرف جميع الآيات عن ظاهر التنزيل ، وذلك بعيد محال.
وأما تأويل الجبائي ، أي : ما وجدناهم كذا ، فإنما يسوغ له هذا إذا كان جميع حروف (أفعل) يخرج على ما يقوله في اللغة ، فأمّا أن يقال في بعض ، فإن ذلك غير مستقيم.
وبعد فإنه لو كان كما ذكر لكان يقول : (ولا تطع من أغفلته عن ذكرنا) ، أي : وجدته غافلا عن ذكرنا ؛ لأنه نهى عن أن يطيع من وجده غافلا ، فهو لا يعلم من وجده الله غافلا ، إنما يعلم من وجده بنفسه غافلا.
فأما إذا كان ما ذكرنا لم يكن للنهي عما ذكر معنى ؛ فدل أن تأويله فاسد وخيال ، وأن إضافته إليه لمعنى يكون من الله.
وأما جواب جعفر بن حرب أنه على التخلية والتسليط ، فهو إنما يقال : سلطت عبدك على كذا على الذم لا على المدح ؛ فلا يجوز أن يقال ذلك في الله على الذم ويضاف إليه أيضا ذلك.
وكذلك يقال لأبي بكر حيث قال : إنما أضاف ذلك إليه للأسباب التي ذكر أنه أعطاهم ، يقال له : ذلك يضاف على الذم : إنك أعطيت كذا حتى فعل كذا ، فأما أن يقال على المدح فلا ؛ فيبطل قوله وتأويله ؛ فدل إضافة ذلك إلى نفسه أنه كان منه في ذلك معنى يستقيم إضافته إليه ، وهو ما ذكرنا من خلق الظلمة في قلوبهم بكفرهم الذي اختاروا