للهول والفزع.
والثاني : تتراءى ، أي : لازدحام الجبل واجتماعها ، وقد يتراءى في الشاهد : السائر كالجامد والساكن ؛ للكثرة والازدحام ؛ نحو عسكر عظيم يسير يراه الناظر إليه كأنه ساكن لا يسير ؛ فعلى ذلك هذا ، والله أعلم.
ثم يحتمل أن يكون هذه الأهوال التي ذكر لأهل الكفر والعصاة منهم ، وأما أهل الإيمان والإحسان يكونون في أمن وعاقبة من تلك الأهوال ؛ كقوله : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا ...) الآية [فصلت : ٣٠].
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً).
أي : ظاهرة ليس عليها بناء ولا شجر ولا جبال ولا حجر ولا شيء تصير مستوية ـ على ما ذكرنا ـ (قاعاً صَفْصَفاً. لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) [طه : ١٠٦ ، ١٠٧].
ويحتمل قوله : (وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً) ، أي : يكون أهلها بارزين له ؛ كقوله : (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً) [إبراهيم : ٢١].
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً).
أي : نجمعهم جميعا ؛ كقوله : (قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ. لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) [الواقعة : ٤٩ ، ٥٠]
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا).
قال بعضهم : عرضوا على ربك جميعا.
ثم يحتمل قوله : (وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ) للحساب. وقال بعضهم : يعرضون على مقامهم ، أي : يعرض كل فريق على مقامه ، أي : يبعث ؛ كقوله : (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ. وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ) [الشعراء : ٩٠ ، ٩١].
ويحتمل معنى العرض عليه في ذلك اليوم ، وإن كانوا في جميع الأحوال والأوقات في الدنيا والآخرة معروضين عليه عالم بأحوالهم ؛ لما يقرون له جميعا يومئذ منكرهم ومقرهم ـ بالعرض والقيامة ، كقوله : (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً) [إبراهيم : ٢١] ، (وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) [الانفطار : ١٩] ، والأمر في جميع الأوقات لله ، وكذلك هم بارزون له في جميع الأحوال ، لكنّه خصّ ذلك اليوم بالإضافة إليه بما يقرون له جميعا في ذلك اليوم بالألوهية له والملك ، ويعرفون حقيقته ؛ فعلى ذلك هذا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ).
يحتمل هذا وجوها :
[الأول] يحتمل لقد جئتمونا بالإجابة والإقرار لنا كما أجاب خلقتكم في أول خلقنا