أو (وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ) : أولياء ، إنما اتخذتهم أعداء ، وما كنت لأولي المضلين عضدا على أوليائي ؛ كقوله : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) [البقرة : ١٢٤] ونحوه ، وكله قريب بعضه من بعض.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ).
قال (شُرَكائِيَ) ؛ على زعمهم ، وإلا : لم يكن لله شركاء.
(فَدَعَوْهُمْ).
يعني : دعوا الأصنام التي عبدوها.
(فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ).
قال أبو بكر الأصم : لم يجيبوهم في وقت ، وقد أجابوهم في وقت آخر ، وهو ما قالوا : (إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ) [يونس : ٢٩] ، ولكن قوله : (فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ) ؛ لما كانوا يعبدونها في الدنيا ، وإنما كانوا يعبدونها طمعا أن يكونوا لهم شفعاء وأنصارا ؛ كقولهم (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) [يونس : ١٨] و (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣] وقوله : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا* كَلَّا) [مريم : ٨١ ، ٨٢] فيكون قوله : (فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ) : ما طمعوا هم بعبادتهم الأصنام : من الشفاعة ، والنصرة ، ودفع ما حل بهم عنهم ، والمنع عن عذاب الله ، والله أعلم.
وقوله : (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً).
أي : بين أولئك وبين الأصنام ، (مَوْبِقاً) ، قال بعضهم (١) : مهلكا.
وقال بعضهم : الموبق : الذي يفرق بينهم وبين آلهتهم في جهنم.
وقال بعضهم (٢) : نهر فيها.
وقال بعضهم (٣) : جعلنا وصلهم في الدنيا الذي كان بين المشركين وبين الأصنام موبقا ، أي : مهلكا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها).
أي : علموا وأيقنوا أنهم داخلوها.
__________________
(١) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير (٢٣١٤٢) ، وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ٤١٤) ، وهو قول قتادة والضحاك وابن زيد.
(٢) قاله عكرمة أخرجه ابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ٤١٤) ، وعن عبد الله بن عمرو وأنس بن مالك ومجاهد أنهم قالوا : هو واد في جهنم.
انظر : تفسير ابن جرير (٢٣١٤٨ ـ ٢٣١٥٢).
(٣) قاله الفراء ، كما في تفسير البغوي (٣ / ١٦٨).