وقال بعضهم : هو بلغة قوم : سنة.
وقال بعضهم : هو على التمثيل : على ما يبعد.
وقيل (١) : سبعون سنة ، ونحوه ، والله أعلم.
وقوله : (فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما).
أضاف النسيان إليهما ، وإن كان الذي نسيه هو فتاه.
وقال بعضهم : أضاف النسيان إليهما على الترك ؛ لأنهما فارقا ذلك المكان وتركا الحوت فيه ، وإنما أضاف النسيان إليهما ؛ لما تركاه جميعا فيه وفارقاه ، وإن كان الفتى هو الذي نسيه دون موسى [فقد نسى موسى] أن يستخبره عنه ؛ فقد كان منهما جميعا النسيان : من الفتى الإخبار والتذكير ، ومن موسى : الاستخبار عن حاله.
وقال بعضهم : أضاف ذلك إليهما ؛ لما نسيا مكان الرجل الذي أمر موسى أن يأتيه ويقتبس منه العلم ، فهو على الجهل يخرج على هذا التأويل ، أي : جهلا مكانه ، والله أعلم.
وقوله : (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً).
قال أبو عوسجة : سربا ، أي : دخل في البحر كما يدخل في السرب ، والسرب : هو داخل الأرض يقال بالفارسية : سمج.
وقال القتبي (٢) : سربا ، أي : مذهبا ومسلكا.
وقول أهل التأويل : إن الحوت كان مشويّا فأحياه الله.
وقال بعضهم : كان طريا.
ولكن ليس لنا إلى معرفة الحوت أنه كان مشويّا أو طريّا حاجة ، وهو قادر على أن يحييه مشويّا أو طريّا في أي حال كان ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَلَمَّا جاوَزا).
يعني : مكانه.
(قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً).
فيه دلالة : أن لا بأس للرجل إذا أصابته مشقة وجهد أن يذكر أصابني كذا ، وللمريض يقول : بي من المرض كذا ، ولا يخرج ذلك مخرج الشكوى والجزع عن الله ؛ حيث قال موسى : (لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً) : تعبا وجهدا.
وقوله : (قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ).
__________________
(١) قاله مجاهد أخرجه ابن جرير عنه (٢٣١٧٤ ، ٢٣١٧٥).
(٢) انظر : مجاز القرآن (١ / ٤٠٩) ، وتفسير غريب القرآن ص (٢٦٩).