قال : (لَأُوتَيَنَ) أي : لله ما يقول بأنه له من المال وغيره لا له.
وقال بعضهم : قوله : (وَنَرِثُهُ) : أنه يعطى في الجنة ما يعطى المؤمنون فنرثه عنه ونعطيه غيره ، وجائز إضافة الوراثة إليه على إرادة أوليائه ، أي : يرثه ذلك أولياؤه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَأْتِينا فَرْداً) في الآخرة لا شيء معه ولا أهل ، كقوله : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى) [الأنعام : ٩٤].
ويحتمل قوله : (وَيَأْتِينا فَرْداً) في الدنيا في وقت لا شيء معه ولا أهل ولا ولد ، على تأويل من يقول في قوله : (لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً) : في الدنيا ، والله أعلم.
ثم اختلف أهل التأويل في العهد الذي ذكر : أن له عند الله : قال بعضهم (١) : شهادة أن لا إله إلا الله في الدنيا.
وقال بعضهم (٢) : قدم عملا صالحا.
وقال بعضهم : الصلاة ، وهو قول مقاتل.
وعن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : «اتخذوا عند الرحمن عهدا ؛ فإن الله يقول يوم القيامة : من كان له عندي عهد فليقم» ، فقيل : كيف هو؟ قال : «اللهم فاطر السموات والأرض ، عالم الغيب والشهادة إني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا أنك لا تكلف إلى بعمل يقربني من الشر ويباعدني من الخير ، وإني لا أثق إلا برحمتك ، فاجعله لي عندك عهدا تؤديه إلى يوم القيامة ، إنك لا تخلف الميعاد» (٣). ويرفع ابن مسعود هذا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
والأول أشبه إن ثبت الخبر.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا. كَلَّا).
فإن كان على حقيقة العز ، فهو في القادة منهم والمتبوعين الذين عبدوا تلك الأصنام والأوثان ؛ ليتعزّزوا بذلك ، ولا يذلّون ، وتدوم لهم الرئاسة التي كانت لهم في الدنيا ، فظنوا أنهم إن آمنوا تذهب تلك الرئاسة والمأكلة عنهم.
ويحتمل قوله : (لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا) أي : نصرا ومنعة ، فإن كان هذا فهو في الرؤساء منهم والأتباع في الدنيا والآخرة.
أما ما طمعوا بعبادتهم الأصنام النصر في الآخرة ، وهو كقولهم : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا
__________________
(١) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ٥٠٦).
(٢) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير (٢٣٩٠٥) وابن أبي حاتم ، كما في الدر المنثور (٤ / ٥٠٦).
(٣) أخرجه أحمد (١ / ٤١٢) بنحوه.