وفساد ، كقوله : (ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ) [غافر : ٢٦] ، وحيث قال : (وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ) [غافر : ٢٩] ، وحيث قالوا : (أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ) [الأعراف : ١٢٧] ، ونحوه ، يدعى أن ما يدعوهم إليه هو الرشاد ، وأن الذي يدعو موسى إليه هو السحر والفساد.
وقال بعضهم (١) : قوله : (وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى) ، أي : خياركم وأشرافكم والأمثل منكم.
قال القتبي (٢) : (فَيُسْحِتَكُمْ) ، أي : يهلككم ويستأصلكم ، يقال : سحته الله ، وأسحته ، وقال : (وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى) ، أي : الأشراف ، ويقال : هؤلاء طريقة قومهم : أي : أشرافهم ، اشتقاق الطريقة من الشريف ، ويقال : أراد : بسنتكم ودينكم ، و (الْمُثْلى) : مؤنث أمثل ، مثل كبرى وأكبر.
(فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ) ، أي : حيلتكم.
وقال أبو عوسجة : (بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى) ، أي : بدينكم الأفضل ، وهو من الأمثل.
وقال أبو عبيدة (٣) : (ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا) أي : مصلى ، والصف : المصلى ، وقال : حكى عن بعضهم أنه قال : ما استطعت أن آتى الصف اليوم أي : المصلى.
وقال القتبي (٤) : (صَفًّا) : أي : جميعا ، وكذلك [قال] غيره من أهل التأويل (٥).
وقوله : (مَنِ اسْتَعْلى) أي : غلب.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ) حرف الإجماع يستعمل في العزم مرة والاجتماع ثانيا : أما في العزم فما ذكر في الخبر : «لا صوم لمن لم يجمع رأيه من اللّيل» أي : لمن لم يعزم ، على ما روى في الخبر : «لا صوم لمن لم يعزم من الليل».
وأما الاجتماع فظاهر ، فإن كان على الاجتماع ، فكأنه قال : فاجتمعوا على عمل واحد لا تختلفوا فيه.
وعلى العزم ، أي : اعرفوا شيئا واحدا ؛ واقصدوا أمرا واحدا لكي تغلبوا.
__________________
(١) قاله أبو صالح أخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم ووكيع في الغرور عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ٥٤١) وعن ابن عباس ومجاهد وقتادة بنحوه.
(٢) انظر : تفسير غريب القرآن ص (٢٨٠).
(٣) ينظر : مجاز القرآن (٢ / ٢٣).
(٤) ينظر : تفسير غريب القرآن ص (٢٨٠).
(٥) منهم مقاتل والكلبي ، كما في تفسير البغوي (٣ / ٢٢٣).