قومهم وأسرّوا النجوى عنهم فيما بينهم أنهما كذا (١).
ثم قوله : (إِنْ هذانِ) بالألف ، قال أبو عبيدة (٢) : هذه لغة قوم من العرب ، يقال : مررت ورأيت رجلان ، فهو على تلك اللّغة.
وقال بعضهم : إن هذه الألف لا تسقط في الوحدان بحال ، يقال : مررت بهذا ورأيت هذا ، ونحوه ، فهو الأصل لا يحتمل السقوط في الأحوال كلها في الوحدان والتثنية.
وقال بعضهم : (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) ، أي : نعم هذان ، وذلك لغة قوم أيضا ، يقولون : (إن) مكان (نعم) ، كقول القائل في آخر بيته :
............................ |
|
فقلت إنّه (٣) |
أي : نعم.
وقال بعضهم (٤) : لا ، ولكن هذا خطأ من الكاتب ، وكذلك عن عثمان : أنه لما نظر في الكتاب فقال : إني أرى فيه خطابا فيقومها العرب بألسنتها ، أو نحو هذا (٥).
وقوله ـ عزوجل ـ : (يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما) هذا القول إنما أخذوا من فرعون ، حيث قال : (يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ ...) الآية [الشعراء : ٣٥] ، وقوله أيضا حيث قال : (أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى) ، علم فرعون أن ذلك ليس بسحر لكنه أراد أن يغرى قومه عليه ؛ لئلا يتبعوه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى) اختلف فيه :
قال الحسن : قوله : (وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى) ، أي : بعيشكم أمثل العيش ؛ لأنهم كانوا جبابرة وفراعنة ، وكانوا بنو إسرائيل لهم خدما وخولا يستخدمونهم ويستعملونهم في حوائجهم ، فكان تعيشهم بهم ، فقال : (وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى) ، أي : يذهبا بأمثل عيشكم ، حيث قال له موسى : (فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ).
قال بعضهم (٦) : (بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى) ، أي : يذهبا بدينكم ومذهبكم الأمثل ؛ لأنه يقول : إن الذي يدعوهم إليه هو الرشاد ، وأن الذي يدعوهم موسى إليه هو باطل ، وإنه سحر
__________________
(١) ينظر : اللباب (١٣ / ٣٠٣ ـ ٣٠٤).
(٢) ينظر : مجاز القرآن (٢ / ٢١).
(٣) البيت لعبد الله بن قيس الرقيات وتمامه :
ويقلن شيب قد علا |
|
ك وقد كبرت .... |
والبيت في ديوانه ص (٦٦) ، وخزانة الأدب (١١ / ٢١٣) ، وشرح أبيات سيبويه (٢ / ٣٧٥).
(٤) هو قول عائشة وقد تقدم.
(٥) أخرجه ابن أبي داود في المصاحف وابن الأنباري ، كما في كنز العمال (٤٧٨٤ ـ ٤٧٨٦).
(٦) قاله ابن زيد أخرجه ابن جرير (٢٤٢٠٥) وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ٥٤١).