يقال : مطر ناصر ، وأرض منصورة ، أي : ممطورة.
وقال المفسرون (١) : من كان يظن أن لن ينصر الله محمدا (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ) ، أي : بحبل إلى سقف البيت ، (ثُمَّ لْيَقْطَعْ) ، أي : ليختنق : (فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ) ـ أي : حليته ـ غيظه ، أي : ليجهد جهده.
وقال أبو عوسجة : (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ) قال : هذا شيء لا يكون ولا يقدر عليه ، وهذا ذم للمقول فيه ؛ لأنه جعل السماء سماء الأصل ، وقوله : (فَلْيَمْدُدْ) أي : يمد يده.
وقوله : [(بِسَبَبٍ)] السبب في الأصل : الحبل ، أي : يعلق سببا فيرتقي في السماء ، والسبب : الحمار ، وسبوب جمع ، أي : حمر.
قال : والسبب : الحبل بلغة هذيل.
وقوله : (ما يَغِيظُ) : هو شدة الغضب.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ) أي : مثل هذا ، وهكذا أنزلناه آيات بينات ، يبين ما لهم وما عليهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) : أما الصابئون : فإن الناس اختلفوا فيهم :
قال أهل التأويل : هم عبّاد الملائكة ، وقد ذكرنا أقاويلهم فيه في سورة المائدة ، فتركنا ذكره هاهنا لذلك.
(وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) : قيل : هم المشركون من العرب ، وهم عبدة الأوثان والأصنام.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ).
يحتمل قوله : (يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ) ، أي : يحكم بين هؤلاء يوم القيامة ؛ لاختلافهم في الدنيا ، كقوله : (وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ) [البقرة : ١١٣] ثم قال : (فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) [البقرة : ١١٣] أي : يحكم بين هؤلاء يوم القيامة ، فالفصل بينهم يوم القيامة هو الحكم الذي ذكر في هذه الآية.
ويحتمل قوله : (يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) في المقام : يبعث هؤلاء إلى الجنة ، وهؤلاء إلى النار ؛ فذلك الفصل بينهم.
وجائز أن يكون قوله : (يَفْصِلُ) أي : يبين لهم الحق من الباطل ؛ حتى يقروا جميعا بالحق ويؤمنوا به ، لكن لا ينفعهم ذلك يومئذ.
__________________
(١) قاله ابن عباس أخرجه ابن جرير عنه (٢٤٩٦٣ ، ٢٤٩٦٥ ، ٢٤٩٦٦ ، ٢٤٩٦٧) ، وانظر : الدر المنثور (٤ / ٦٢٥).