بإسلام أزواجهن ويصرن ذمة بذمة الأزواج ؛ فإذا كان كذلك ـ فليس في قتلهن حياة ؛ ألا ترى أنه روى أنه فلانا أسلم وأسلم معه كذا وكذا نسوة؟! والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ) : والحق ما ذكرنا ، وقوله : (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ) يحتمل بالإسلام ، أو بالذمّة بإعطاء الجزية ، وإلا بالحق : ما ذكرنا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً).
قيل : سلطانا ، أي : تسلطا وقهرا. وقال بعضهم : سلطانا ، أي : حجة على القتل فيما يستوجب به القصاص.
ثم ذكر أنه جعل لولى القتيل سلطانا ، ولم يذكر أي ولىّ ؛ فيشبه أن يكون المراد من الولى الذي يخلف الميت في التركة ، وهم الورثة ؛ إذ هو حقّ كغيره من الحقوق ؛ فذلك إلى الورثة ، فعلى ذلك حق الدم ، فكأنه قال : ومن قتل مظلوما قد جعلنا لورثته سلطانا ، أي : حجة فيما يستوجب. وفي ظاهر هذه الآية دلالة أن للواحد من الورثة القيام باستيفاء الدم ؛ إذ لو كان للكل الاستيفاء لدخل في ذلك الإسراف الذي ذكر : (فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) ؛ إذ لو ضرّ به كل الورثة لصار في ذلك مثله ، وقد منعوا عن ذلك ، فإذا كان ما ذكرنا كان في ذلك دلالة لقول أبي حنيفة ـ رحمهالله ، حيث قال ـ : إن الورثة إذا كان بعضهم صغارا وبعضهم كبارا كان للكبار أن يقوموا بالاستيفاء دون أن ينتظروا بلوغ الصغار ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ).
قال بعضهم (١) : لا يقتل غير قاتل ؛ وذلك إذ كان من عادة العرب قتل غير القاتل.
وقال بعضهم : [قوله](٢) : (فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) [أي : لا يجاوز الحد الذي جعل له في القصاص من المثلة والقطع والجراحات.
وقال بعضهم : (فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) ، أي : في القتل](٣) الأول ؛ حيث قتل نفسا بغير حق ، فذلك إسراف ؛ كما قال : (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) [المائدة : ٣٢].
__________________
(١) قاله طلق بن حبيب ، أخرجه ابن جرير (٢٢٢٩٠) و (٢٢٢٩١) وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ٣٢٧) ، وهو قول سعيد بن جبير والضحاك والحسن وقتادة وغيرهم.
(٢) سقط في أ.
(٣) ما بين المعقوفين سقط في أ.