اللغو : كأنه اسم كل باطل ، واسم كل ما يلغى ولا يعبأ به ، أخبر أنهم يعرضون عن كل باطل وعن كل ما نهوا عنه ، ويقبلون على كل طاعة وبكل ما أمروا به (١).
(وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ).
يحتمل الزكاة : الزكاة التي بها تزكو أنفسهم عند الله.
وجائز الزكاة المعروفة المعهودة ، أخبر أنهم فاعلون ذلك مؤدون.
وجائز أن يكون ذكر هذا من المؤمنين ؛ من الطاعة لله والائتمار لأمره ، والرضا به ، مقابل ما كان من المنافقين من الكراهية في الإنفاق ، والصلاة على الكسل ، والمراءاة ؛ كقوله : (وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ ...) الآية [النساء : ١٤٢] ، وقوله : (وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كارِهُونَ) [التوبة : ٥٤] ، وقولهم : (لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ) [المنافقون : ٧] نعتهم بالكسل ، والخلاف ، وترك الإنفاق والمراءاة في الطاعات ، ونعت المؤمنين بضدّ ذلك ، وبالرغبة في أوامره ، والانتهاء عن معاصيه ونواهيه.
وقوله : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ* إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ).
استثنى في هذا ؛ لأنّ هذا مما يحلّ في حال ويحرم في حال ، وأما اللغو وما ذكر من أوّل الآية إلى آخره لا يحل بحال ، واللغو حرام في الأحوال كلها ، وكذلك ترك أداء الأمانة والزكاة والصلاة مما لا يحل تركه بحال.
وقوله : (فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ).
ذكر ألا يلحقهم لائمة في ذلك ـ والله أعلم ـ لوجهين :
أحدهما : لقول الثنوية ؛ لأنهم لا يرون التناكح ، فأخبر أن اللائمة [ليست] في هذين وإنما اللائمة في غير هذين.
والثاني : ذكر لإبطال المتعة ؛ لأنه استثنى الأزواج وما ملكت أيمانهم ، والمتعة ليست في هذين اللذين استثناهما ، ثم أخبر أن لا لائمة في هذين ، وفيما عداهما لائمة ، والمتعة مما عدا هذين (٢) ، وهو ما قال : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ) [النور : ٣٣] وإلى هذا يصرف حفظ الفروج ، وإلا : كان عامة الناس يحفظون فروجهم عن الزنا ، ويعرفون حرمته ، لكنهم كانوا يستبيحون المتعة والإجارة فيه ؛ فحرم ذلك.
ثم قال : (فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ).
والعادي (٣) : هو المجاوز عن الحد الذي حدّ له.
وقوله : (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ).
__________________
(١) ينظر : اللباب (١٤ / ١٦٨).
(٢) ينظر : اللباب (١٤ / ١٧٢).
(٣) ينظر : اللباب (١٤ / ١٧٢ ، ١٧٣).