وقوله : (إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ).
ظاهر ، وهو وعيد.
وقوله : (وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً).
جائز أن يكون قوله : (وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) : في الكتب المتقدمة ، وعلى لسان الرسل السالفة ؛ كقوله : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) [آل عمران : ١١٠] ، أي : كنتم خير أمة في الكتب المتقدمة وفي الأمم الماضية ؛ فعلى ذلك هذا.
وقال بعضهم (١) : قوله : (وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) ، أي : دينكم دين واحد ، وملتكم ملة واحدة ، وهي الإسلام.
وقال بعضهم : لسانكم لسان واحد.
وجائز أن يكون قوله : (أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) : لا تختلفون في رسولكم إلى يوم القيامة ، كما اختلف الأمم الذين من قبلكم في رسلهم ؛ بل تجعلوا رسولكم رسولا على ما هو عليه ، وأما سائر الأمم فإنهم قد فرطوا فيهم ؛ حتى كان فيهم [من] جعل الرسول ابنا له ؛ كقوله : (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) [التوبة : ٣٠] ، والنصارى ، وأما هؤلاء فإنهم لا يزالون على أمر واحد ، والله أعلم.
وقوله : (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) ، وقال في آية أخرى : (فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء : ٢٥] : جائز أن يكونا واحدا ، وجائز أن يكون قوله : (فَاتَّقُونِ) أي : مخالفتي ، (فَاعْبُدُونِ) ، أي اعبدوني وأطيعوني.
وقوله : (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً).
قال بعضهم : (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ) و (قطعوا) واحد ، وهما لغتان ؛ [نحو] : تفرقوا وفرقوا.
(زُبُراً) : برفع الباء ، وزبرا بنصب الباء ، قال أبو معاذ : من قرأ بالنصب : زبرا ؛ فمعناه : قطعا ؛ كقوله : (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ) [الكهف : ٩٦] ، و (زُبُراً) بالرفع ، أي : كتبا ؛ كقوله : (تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ) [الأنعام : ٩١] ، وقوله : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ) [البقرة : ٧٩] ، ونحوه.
وقال في حرف ابن مسعود وأبي : وقطعوا الزبور بينهم.
قال أبو معاذ : (قطعوا) و (تقطعوا) : لغتان ؛ كقيلك : علقت الشيء وتعلقته ، وحولت وتحولت ، ووليت وتوليت ، ونحوه كثير.
__________________
(١) قاله مجاهد ، أخرجه ابن المنذر عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٢٠) ، وعن ابن جريج بنحوه أخرجه ابن جرير (٢٥٥٣٢).