والكالح : العابس.
وقوله : (أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ).
كذلك كانوا يكذبون ، وقد ذكرناه في غير موضع.
وقوله : (قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا).
أما ما قال أهل التأويل : غلبت علينا من الشقاوة فإنه لا يحتمل ؛ لأنهم يقولون ذلك القول ؛ اعتذارا لما كان منهم من التفريط في أمره والتضييع ؛ فلا يحتمل أن يطلبوا لأنفسهم عذرا فيما كان منهم ؛ إذ لو كان ما ذكر أولئك لكان في ذلك طلب العذر لأنفسهم ، وهم في ذلك الوقت لا يطلبون عذرا لأنفسهم ؛ ولكن يقرون بما كان منهم ؛ كقوله : (فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ) ، لكن يحتمل وجهين :
أحدهما : يقولون : ربنا شقينا بأعمالنا التي عملناها ، وظلمنا أنفسنا ، وكنا قوما ضالين.
والثاني : عملنا أعمالا استوجبنا بتلك الأعمال جزاء ؛ فنحن أولى بذلك الجزاء ، فغلب علينا جزاء تلك الأعمال ، أو كلام نحو هذا.
وأما ما قاله أولئك من أهل التأويل (١) : (غَلَبَتْ) ، أي : كتبت فهو بعيد ؛ لأنه إنما يكتب ما يفعل العبد وما يعلم أنه يختاره لا يكتب غير الذي علم أنه يفعله ويختاره ، والله أعلم.
قوله : (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ).
قوله : (فَإِنَّا ظالِمُونَ) : ظلم عيان ، وظلم ظاهر ، وإلا قد كانوا أقرّوا بالظلم بقولهم : (فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ).
وقوله : (وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ) : قد أقروا بالظلم ، لكنهم أقروا بظلم خبر وظلم سماع ، لا ظلم عيان ؛ فقالوا : (أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ) : ظلم عيان ، والله أعلم.
وقوله : (قالَ اخْسَؤُا فِيها).
قال بعضهم (٢) : قوله : (اخْسَؤُا) ، أي : اسكتوا.
__________________
(١) قاله مجاهد ، أخرجه ابن جرير (٢٥٦٧٨ ، ٢٥٦٧٩ ، ٢٥٦٨٠) ، وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٣١).
(٢) قاله زياد الخراساني بنحوه ، أخرجه ابن جرير (٢٥٦٩١) وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٣٣).