أَهْلِها) روي عن عبد الله بن عباس أنه كان يقرؤها : حتى تستأذنوا وتسلموا على أهلها. وقال : (تَسْتَأْنِسُوا) وهم من الكاتب (١) (٢).
وقال بعضهم (٣) : الاستئناس : الاستئذان.
وقال بعضهم (٤) : الاستئناس : الاستعلام ، وهو أن يطلب من أهل البيت الإذن بالدخول ، والاستئذان هو طلب الإذن منهم للدخول.
وروي عن أبي أيوب قال : قلنا : يا رسول الله ، هذا السلام قد عرفناه فما الاستئذان؟ قال : «أن يرفع صوته بالتحميد أو بالتسبيح أو بالتكبير ليؤذن للدخول» (٥). فإن ثبت هذا فهو إلى الاستعلام أقرب وهو كقوله : (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً) [النساء : ٦] أي : علمتم.
ثم قال بعضهم : قوله : حتى تستأذنوا وتسلموا على أهلها على التقديم والتأخير ، أي : حتى تسلموا وتستأنسوا ، وهو أن يبدأ فيقول : السلام عليكم ورحمة الله! أدخل أو لا؟ ثم يستأذن ، وهو ما روي : «السلام قبل الكلام».
ولكن عندنا أن الاستئذان للدخول فإذا أذن بالدخول فدخل فعند ذلك يسلم عليهم كقوله : (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً) [النور : ٦١] فإنما أمر بالسلام بعد الدخول ؛ فعلى ذلك هذا يستأذن للدخول فإذا أذن له فدخل فبعد الدخول يسلم عليهم ؛ لأنه لو سلم أولا ثم استأذن احتاج إلى أن يسلم ثانيا إذا دخل ؛ فهذا الذي ذكرنا أشبه بعمل الناس وظاهر الآية ، والله أعلم.
ثم قوله : (لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ) لم يرجع إلى المساجد ونحوه بل يرجع ذلك إلى بيوت مسكونة ؛ فذلك يدل لقولنا : إن من حلف ألا يدخل بيتا فدخل المسجد لم يحنث.
وقوله : (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) أي : ذلك الاستئذان والتسليم خير لكم من ترك الاستئذان ؛ لأنه ترك التأدب بما أدبه الله وعلمه (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ، أي : تتعظون
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٢٥٩٠٨ ، ٢٥٩١٣ ، ٢٥٩١٥ ، ٢٥٩١٨) ، وانظر : الدر المنثور (٥ / ٦٩).
(٢) هو قول ابن عباس ، انظر التخريج السابق.
(٣) روي في معناه حديث أخرجه ابن جرير (٢٥٩١٧) ، عن عمرو بن سعيد الثقفي أن رجلا استأذن على النبي صلىاللهعليهوسلم : فقال : ألج؟ أو أنلج؟ فقال النبي صلىاللهعليهوسلم لأمة له يقال لها روضة : «قومي إلى هذا فكلميه فإنه لا يحسن يستأذن فقولي له يقول : السلام عليكم ، أدخل؟
فسمعها الرجل فقالها فقال : ادخل» وانظر : الدر المنثور (٥ / ٩٦).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي والطبراني وابن أبي حاتم وابن مردويه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٩٦).