أحدها : غضوا أبصارهم لكي يحفظوا فروجهم ؛ فإن حفظ الفرج إنما يكون بغض البصر وحفظه.
والثاني : يغضوا أبصارهم عن النظر إلى من لا تحل من الأجنبيات ؛ لأن النظر إلى المحارم يحل ، ويحفظوا فروجهم عن الكل من المحارم والأجنبيات إلا الذين استثناهم في آية أخرى.
والثالث : غضوا أبصارهم عما في أيدي الخلق ، ولا تفتحوها إلى ما في أيديهم ؛ كقوله : (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ ...) الآية [طه : ١٣١].
وقوله : (ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ) أي : أطهر لهم ، وأدعى لهم إلى الصلاح من النظر.
وعلى هذه يخرج قوله : (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَ).
وقوله : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) روي عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : (إِلَّا ما ظَهَرَ)(١) : الرداء والثياب.
وعن ابن عباس قال : (إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) : الكحل والخاتم (٢).
وفي رواية أخرى : الكف والوجه (٣).
وعن عائشة قالت : (إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) : القلب والفتخة (٤) ، وهي خاتم إصبع الرجل.
وعن عبد : الله الزينة زينتان :
زينة باطنة لا يراها إلا الزوج.
وأما الزينة الظاهرة فالثياب.
والباطنة كالإكليل والسوار والخاتم (٥).
فإن كان التأويل ما روي عن ابن مسعود حيث جعلها من الثياب وغيره ، ففيه دلالة ألا يحل النظر إلى وجه امرأة أجنبية.
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٢٥٩٥١ ، ٢٥٩٥٥ ، ٢٥٩٥٨ ، ٢٥٩٥٩) ، وعبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٧٤).
(٢) أخرجه ابن جرير (٢٥٩٦٠ ، ٢٥٩٦١ ، ٢٥٩٦٢) ، وسعيد بن منصور وابن المنذر وعبد بن حميد والبيهقي ، كما في الدر المنثور (٥ / ٧٥) ، وذكر له طرق أخرى فانظرها.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم من طريقين عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٧٥).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في سننه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٧٥) ، وثبت في حاشية أ : الفتخة ـ بالتحريك ـ حلقة من فضلة لا فص فيها ، فإذا كان فيها فص فهي الخاتم ، والجمع : فتخ ، وفتخات ، وربما جعلتها المرأة في أصابع رجليها. صحاح.
(٥) أخرجه ابن جرير (٢٥٩٥١) ، وابن أبي شيبة وابن المنذر ، كما في الدر المنثور (٥ / ٧٤).