والأرض ، ثم انقطع الكلام فأخذ في نعت محمد صلىاللهعليهوسلم وما ضرب له من الأمثال ، فقال : (مَثَلُ نُورِهِ) ، يقول : نور محمد إذ كان في صلب أبيه (كَمِشْكاةٍ) أي : كوة ـ بلغة الحبش ـ غير نافذة (فِيها مِصْباحٌ) أي : سراج المصباح.
يقول ـ والله أعلم ـ : ذلك السراج المضيء ضوؤه (فِي زُجاجَةٍ) ، الزجاجة نعتها الصافية التامة الصفاء ، والمشكاة : صلب أبيه عبد الله ، والزجاجة وصفاؤها : محمد رسول الله ، وطهره من الأدناس والمعاصي ، والمصباح : نوره ، وصفاؤه : قلب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وما فيه من الإيمان ، والحكمة ، والنبوة ، (كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ) أي : محمد صلىاللهعليهوسلم ذكره مع أسماء الأنبياء ، والرسل في اللوح المحفوظ عند الله في الفضيلة على تلك الأنبياء والرسل عليهمالسلام كفضل الكوكب الدري ـ أي : المضيء ، وهي الزهرة ـ على سائر الكواكب.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) يقول ـ والله أعلم ـ : استنار نور محمد من نور إبراهيم ؛ لأن محمدا على دين إبراهيم وعلى سنته ومنهاجه ، فمثل إبراهيم مثل الشجرة المباركة ، وأصل محمد من نسل إبراهيم ، صلوات الله عليهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) والزيتونة : المحاسن وطاعة إبراهيم لربه ؛ فنفعه الله بحسن طاعته يوم القيامة ، وفي غيره من المواطن ، كما تنفع الزيتونة أهلها في الدنيا ، فهي فاكهة وطعام ، وهي إدام وهو الصباغ والدهن والدباغة يعني : زيتونة (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) يقول : إن إبراهيم صلوات الله عليه لم يكن نصرانيّا لقول النصارى : هو نصراني يصلي قبلة النصارى من قبل المشرق ، ولا يهوديّا لقول اليهود : إنه كان على ديننا يصلي قبل المغرب ببيت المقدس ، يقول الله تعالى : لم يكن كما قال هؤلاء ، ولكن كان حنيفا مسلما مصلّيا إلى الكعبة ، وهي قبلته وإليها حج.
وقوله : (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) يقول ـ والله أعلم ـ : لو أن إبراهيم لم يكن نبيّا لأصاب بحسن طاعة الله في الدنيا الفضل مع الأنبياء والرسل في الدنيا والدرجات العلى في الآخرة.
وقوله : (نُورٌ عَلى نُورٍ) ؛ لأن محمدا وما جاء به من الدين والكتاب أصل نوره من قبل إبراهيم ؛ لأنه على دينه وسنته وكتابه ومنهاجه.
ثم قال : (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) الذي جاء [به] محمد صلىاللهعليهوسلم ، وهو النور ، وهو القرآن [يهدي إليه] من يشاء ممن سبق [له] في علمه السعادة ، ويضل عنه من يشاء ممن