وقال بعضهم (١) : ليست شرقية : لا غرب لها ، ولا غربية : لا شرق لها ، ولكنها شرقية غربية.
فكيفما كان فإنما ذكر الزيت لصفائه وخلوصه ؛ فيجب أن يسأل أهله فيقال : أي الزيت أجود وأصفى الذي تصيبه الشمس أو الذي لا تصيبه ، أو الذي تصيبه في وقت ولا تصيبه في وقت؟
وقال بعضهم : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) هو الله سبحانه هادي أهل السموات وأهل الأرض ، كما هداه في قلب المؤمن كما يكاد الزيت الصافي يضيء ؛ قالوا : هو زيت كلما مسته النار ازداد ضوءا على ضوء ، كذلك يكون قلب المؤمن يعمل الهدى قبل أن يأتيه العلم [فإذا أتاه العلم] ازداد هدى على هدى ونورا على نور ، وعن أبيّ بن كعب قال في قوله : (مَثَلُ نُورِهِ) : يقول : مثل نور المؤمن ، وكذلك يقرؤها : مثل نور المؤمن على ما ذكرنا (٢) من قبل. قال : فهو عبد قد جعل القرآن والإيمان في صدره.
قال : (كَمِشْكاةٍ) قال : المشكاة : صدره (فِيها مِصْباحٌ) : قال : المصباح : القرآن والإيمان الذي جعل في صدره.
قال : (الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ) فالزجاجة : قلبه.
قال : (الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ) يقول : كوكب مضيء.
(يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) قال : الشجرة المباركة أصله ، فالمبارك : الإخلاص لله وحده لا يشرك به.
قال : (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) قال : فمثله كمثل شجرة ، جعله كالشجرة فهي خضراء ناعمة لا تصيبها الشمس على أيّ حال كانت : لا إذا طلعت ، ولا إذا غربت ، وكذلك هذا المؤمن قد أجير عن أن يصيبه شيء من الفتن وقد ابتلي بها ، فثبته الله فيها ، فهو بين أربع خلال : إن ابتلي صبر ، وإن أعطي شكر ، وإن قال صدق ، وإن حكم عدل ؛ فهو في سائر الناس كالرجل الحي يمشي في قبور الأموات.
قال : (نُورٌ عَلى نُورٍ) قال : فهو يتقلب في خمسة من النور : كلامه نور ، وعلمه نور ، ومدخله نور ، ومخرجه نور ، ومصيره النور إلى يوم القيامة إلى الجنة.
قال : ثم ضرب مثل الكافر فقال : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ) وهو يحسبه عند الله خيرا فلا يجده ، فيدخله الله النار ، وقال في آية أخرى له مثلا فقال : (أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ
__________________
(١) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٨٩).
(٢) تقدم.