لكن لا حاجة لنا إلى أن نتعرف أنها نزلت في شأن فلان أو فلان ، أو في أمر فلان وسببه ، سوى أن نتعرف المودع فيها وما ذكر من أنواع الآداب والأحكام.
ثم خاطب بالاستئذان المستأذن عليه لا المستأذن والسادات والآباء ومن يعول الصغار حيث قال : (لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ) وذلك الخطاب ـ والله أعلم ـ يخرج مخرج الأمر للآباء والسادات بتعليم صبيانهم أمور الدين والقيام بما يحتاجون إليه ، والتأديب على ذلك إن أبت أنفسهم ، وكذلك ما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم حيث قال : «مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعا ، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا ، وفرقوا بينهم في المضاجع» (١) خاطب به الآباء والأولياء أن يأمروهم بأمور الدين أمر عادة ، والتعليم لهم والتأديب إن امتنعوا عن ذلك ، ولم يخاطبهم في أنفسهم لجهلهم وقلة معرفتهم بأمرهم ، وإذا بلغوا وعرفوا النهي والأمر ، فعند ذلك خاطبهم بأنفسهم بالاستئذان ؛ حيث قال : (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا) خاطبهم إذا بلغوا ، وأمرهم بالاستئذان في أنفسهم ، وما داموا صغارا خاطب به الآباء والأولياء لما لا يجري عليهم القلم ، وليس الخطاب والأمر والنهي إلا لجرية القلم عليهم ، وترك الأمر والخطاب لرفع القلم عنهم.
وأمّا أمر الآباء لهم بذلك فيخرج مخرج الشفقة لهم عليهم والقيام لبعض مصالحهم ، وذلك جائز.
__________________
(١) أخرجه أبو داود (١ / ٣٣٤) كتاب : الصلاة ، باب : متى يؤمر الغلام بالصلاة؟ حديث (٤٩٥) ، وأحمد (٢ / ١٨٧) ، والدارقطني (١ / ٢٣٠) كتاب : الصلاة ، باب : الأمر بتعليم الصلوات والضرب عليها ، حديث (٢ ، ٣) ، والحاكم (١ / ١٩٧) ، وابن أبي شيبة (١ / ٣٤٧) ، والدولابي في الكنى (١ / ١٥٩) ، والعقيلي في الضعفاء (٢ / ١٦٧ ، ١٦٨) ، وأبو نعيم في الحلية (١٠ / ٢٦) ، والخطيب في تاريخ بغداد (٢ / ٢٧٨) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «مروا أولادكم بالصلاة ، وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين ، وفرقوا بينهم في المضاجع ...» الحديث.
وأخرجه أبو داود (١ / ٣٣٢ ، ٣٣٣) كتاب الصلاة ، باب : متى يؤمر الغلام بالصلاة؟ ، حديث (٤٩٤) ، والترمذي (٢ / ٢٥٩) كتاب : الصلاة ، باب : ما جاء متى يؤمر الصبى بالصلاة؟ حديث (٤٠٧).
والدارمي (١ / ٢٧٣) ، وابن أبي شيبة (١ / ٣٤٧) ، وأحمد (٣ / ٢٠١) ، وابن الجارود (١٤٧) ، وابن خزيمة (٢ / ١٠٢) ، والطحاوي في مشكل الآثار (٣ / ٢٣١) ، والدارقطني (١ / ٢٣٠) ، والحاكم (١ / ٢٠١) ، والبيهقي (٢ / ١٤) من طريق عبد الملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «مروا الصبي بالصلاة ابن سبع سنين ، واضربوه عليها ابن عشر».
وقال الترمذي : حسن صحيح.
وقال الحاكم : صحيح على شرط مسلم ، ووافقه الذهبي. وصححه ابن خزيمة.