قال بعضهم : يعني : المنافقين إذا كانوا في أمر جامع فيسمعون رسول الله يذكر مثالبهم ومساوئهم وعيوبهم فيتسللون كراهية لذلك ، ويلوذ بعضهم ببعض.
وقال بعضهم (١) : نزل هذا في المنافقين الذين كانوا يذهبون عنه ويخرجون من عنده بغير استئذان.
وقوله : (لِواذاً) أي : يستترون بالشيء ، ويلوذ بعضهم ببعض ، ويستتر بعضهم ببعض ويخرجون.
وقوله : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) يحتمل قوله : (يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) أي : يخالفون أمره ، وحرف «عن» يكون صلة فيه.
وجائز أن يكون على ظاهر ما ذكر : (يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) : فإن كان على هذا فكأنه قال : (يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) أي : يعدلون عن أمره ويزيغون عنه ؛ كقوله : (وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ) [سبأ : ١٢].
وقوله : (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) يحتمل : الفتنة : الكفر.
ويحتمل الفتنة : القتال والتعذيب في الدنيا ، أو يصيبهم العذاب في الآخرة ، والله أعلم.
وقوله : (أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ليس هاهنا ما يستقيم أن يجعل قوله : (أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) صلة له ، اللهم إلا أن يجعل ذلك صلة قوله : من يجعل له الولد والشريك.
أو صلة قوله : (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) أي : أن من له ما في السموات والأرض لا يحتمل أن تقع الحاجة [له] إلى الولد أو الشريك.
أو من له ملك ما في السموات والأرض يختار لرسالته من يشاء بشرا أو ملكا ، ليس لأحد القول في ذلك ، والله أعلم.
وقوله : (قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) هذا وعيد منه وإعلام أنه مراقبهم مطلع عليهم في جميع أحوالهم ؛ ليكونوا أبدا على حذر ؛ لأن من علم أن عليه رقيبا وحافظا ، كان أنبه وأيقظ وأحذر ممن لم يعلم ذلك.
أو أن يكون على علم بأحوالكم وما أنتم عليه من الخلاف لأمره خلقكم ، أو أرسل إليكم رسولا لا على جهل بذلك وغفلة.
__________________
(١) قاله ابن زيد ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٦٢٦٧).