ودلالة النهي على حرمته إنما تكون بالعموم ، والعموم أقوى دلالة ، فيقدم النهي.
ووجهها على ما في الكفاية (١) ، ان دلالة النهي على حرمة المجمع وان لم تكن بالوضع ولكنها ليست بالإطلاق فحسب كما في الأمر ، بل الدلالة عليها إنما هي بحكم العقل نظرا إلى ان وقوع الطبيعة في حيز النهي أو النفى ، يقتضي عقلا سريان الحكم إلى جميع الأفراد فالدلالة عليها عقلية ، ولا يتوقف ذلك على جريان مقدمات الحكمة في المتعلق ، بل كما ان لفظة كل تدل على استيعاب جميع أفراد المدخول من غير حاجة إلى ملاحظة إطلاق مدخوله وقرينة الحكمة ، بل يكفي إرادة ما هو معناه من الطبيعة المهملة ولا بشرط في دلالته على الاستيعاب ، كذلك وقوع الطبيعة في حيز النفى أو النهي يقتضي عقلا استيعاب جميع أفراد الطبيعة من دون ملاحظة الإطلاق في المتعلق.
ويرد عليهما ما تقدم في أول مبحث النواهي من ان دلالة النهي على انتفاء جميع الأفراد إنما تكون بالإطلاق.
ثم انه لو سلم كون دلالة النهي على الاستيعاب ما أفاده المحقق الخراساني ، لاوجه لقياسه على لفظة كل التي بنفسها تدل على إرادة العموم من مدخولها : فانه في المقام السلب بنفسه لا يدل على ذلك ، بل يتوقف على جريان مقدمات الحكمة في مدخوله ، فانه وضع للدلالة على سلب المدخول ، وهذا بخلاف لفظ (كل) فانها بنفسها تدل على إرادة العموم من مدخولها بلا
__________________
(١) كفاية الاصول ص ١٧٦ (وقد ذكروا لترجيح النهي وجوها).