اما الأولى : فلان النهي ، يدل على عدم الأمر ، وعدم الملاك ، اما دلالته على عدم الأمر فواضحة ، واما دلالته على عدم الملاك ، فلان ملاك الأمر هو المصلحة غير المزاحمة بالمفسدة ، أو الغالبة عليها ، واما المصلحة المغلوبة فلا تكون ملاكا ولو لا مغلوبية المصلحة لما كان المولى ينهى عن الفعل ، فمن النهي كما يستكشف عدم الأمر يستكشف عدم المصلحة أو مغلوبيتها للمفسدة ، فيدل النهي على عدم الأمر وعدم الملاك.
واما الثانية : فلان النهي يدل على المبغوضية والمبغوض لا يقرب ، وفي العبادات الذاتية النهي لا يوجب سلب ما هو ذاتي له فلا محالة ينحصر وجه الفساد بفقد الجهة الثانية أي تكون مبغوضة وهي تمنع عن التقرب بها فتدبر.
ثم انه بناء على ما اخترناه من دلالة النهي باقسامه على الفساد ، لا مجال للنزاع في انه إذا شك في كون النهي من أي الأقسام ، هل يدل على الفساد ، أم لا؟
واما على القول بعدم دلالة بعض اقسامه على الفساد فهل يوجب مثل هذا النهي الفساد ، أم لا؟
الظاهر دلالته عليه إذ هو بجميع اقسامه يدل على عدم الأمر ، وببعض اقسامه يدل على عدم الملاك ، وعليه ففي هذا المورد بما ان عدم الأمر محرز ووجود الملاك مشكوك فيه فلا يصح الاتيان به.
فهل يصح الاتيان به برجاء وجود الملاك أم لا؟
وجهان : اقواهما الثاني ما لم يرتفع احتمال المبغوضية باصل أو دليل كما لا