نتصور للحرمة التخييرية معنى قابلا لان تجتمع مع الإيجاب في مورد : إذ بناء على كون الحرمة ناشئة عن المفسدة والمبغوضية مرد الحرمة التخييرية إلى حرمة الجمع بين الفعلين باعتبار قيام مفسدة ملزمة بالمجموع ، لا بالجامع بينهما ، وإلا لكان كل من الفعلين محرما بالحرمة التعينية لفرض انحلال النهي المتعلق بالجامع إلى نواه عديدة ، بعدد ما للجامع من الأفراد فيثبت لكل واحد منهما نهى مستقل ، وهذا بخلاف الإيجاب فان مرد الوجوب التخييري إلى إيجاب الجامع بين شيئين أو الأشياء لقيام مصلحة واحدة ملزمة بفرد واحد من ذلك الجامع بلا دخل لخصوصية من الخصوصيات فيه.
وعلى ذلك فان أتى بالمجمع الذي هو مصداق لأحد طرفي الوجوب واحد فردي التخييري من الحرمة ، كما لو أمر بالصلاة أو الصوم تخييرا ، ونهى عن التصرف في الدار والمجالسة مع الأغيار كذلك ، فصلى فيها ، فان لم يجلس مع الأغيار لا يكون تصرفه في الدار حراما ، فيتمحض المجمع في الوجوب ، وان جالس معهم فيكون تصرفه في الدار محرما بالحرمة التعينية غايته الضمنية لفرض ان المحرم هو مجموع الفعلين.
وبما ذكرناه يظهر ان ما أفاده المحقق الخراساني (١) ـ في ان النزاع يجرى في التخييريين أيضاً ، ومثل له بالمثال المذكور وقال فصلى فيها مع مجالستهم كان حال الصلاة فيها حالها كما إذا أمر بها تعيينا ونهى عن التصرف فيها كذلك في جريان النزاع ومجيء أدلة الطرفين
__________________
(١) كفاية الاصول ص ١٥٣.