وحكم العقل يقيدها بذلك ضرورة ان اطلاقها يستلزم نقض الغرض من بعث الرسل وانزال الكتب ، فان لازم الإطلاق هو عدم وجوب النظر في المعجزة ، ومع عدم النظر لا تثبت اصل النبوة فضلا عن فروعها ، فتجويز ترك النظر في المعجزة تستلزم نقض الغرض الداعي إلى بعث الرسل وانزال الكتب وهو قبيح ، وبعين هذا الملاك يجب الفحص عن الأحكام الشرعية عند احتمال تحققها في نفس الأمر وامكان وصول العبد إليها بالفحص كما عن المحقق النائيني (ره) (١).
ولكن : بناء على ما ذكره المحقق الخراساني في وجه لزوم الفحص في المقام ، لا يكون الفحص هاهنا عما يزاحم مقتضى الحجية ، لفرض انه لا بناء من العقلاء على حجية اصالة العموم إلا بعد الفحص عن المخصص ، فلا مقتضى للحجية قبله ، كما هو الشأن في الأصول العملية ، فانه لا مقتضى لجريانها قبل الفحص عن الدليل على الحكم وان شئت فقل انه في كلا البابين يكون الفحص فحصا عن ان العام ، أو الاصل حجة ، أم يكون شيء آخر حجة.
كما انه بناء على ما سلكناه في وجه لزوم الفحص ، من ان العقل يدل على ذلك ، لا يكون الفحص في شيء من الموردين عما يزاحم الحجة.
وما أفاده المحقق النائيني في وجه تقييد ادلة الأصول ، يجرى بالاضافة إلى اصالة العموم ، فان العقل كما يستقل بوجوب النظر إلى المعجزة ، وإلا لزم اقحام جميع الانبياء عليهمالسلام ، وبوجوب الفحص في مقام الرجوع إلى
__________________
(١) اجود التقريرات ج ١ ص ٤٨٠ ، وفي الطبعة الجديدة ج ٢ ص ٣٥١ ـ ٣٥٢.