لا يقال : الفرض هو عدم وجوب الاحتياط ، بل عدم جوازه (١) ، لان الفرض إنما هو عدم وجوب الاحتياط التام في أطراف الاحكام ، مما يوجب العسر المخل بالنظام ، لا الاحتياط في خصوص ما بأيدينا من الطرق (٢). فإن قضية هذا الاحتياط هو جواز رفع اليد عنه في غير
______________________________________________________
من البرهان هو اختصاص حجية الانسداد بالظن بالطريق لعدم وصول النوبة الى الظن ، لامكان الاحتياط في الطرق المحتملة كونها مجعولات شرعية ، والى هذا اشار بقوله : «ان قضية ذلك هو الاحتياط في اطراف هذه الطرق ... الى آخر الجملة».
(١) وحاصله : انه من جملة المقدمات الخمس المذكورة هو عدم وجوب الاحتياط في اطراف المعلوم بالاجمال ، ومع عدم وجوب الاحتياط وبقاء العلم الاجمالي اما على منجزيته للمقدمة الثالثة ، او كشف المقدمة الثالثة عن لزوم التعرض للمعلوم بالاجمال وعدم جواز اهماله.
وعلى كل فحيث يكون لا بد من الامتثال والتعرض للاتيان بالمعلوم بالاجمال ، مع ضم عدم وجوب الاحتياط كما هو فرض المقدمة الرابعة ، فلا بد من التنزل الى الظن ، وحيث كان العلم الاجمالي منحصرا في الطرق فلا بد من التنزل الى الظن بالطرق ، وهذا هو مراده من قوله : «الفرض هو عدم وجوب الاحتياط بل عدم جوازه» أي ان المفروض جريان الانسداد الذي من جملة مقدماته عدم الاحتياط ، اما جوازا لأدلة العسر والحرج او لزوما لكونه مخلا بالنظام.
(٢) هذا هو الجواب عن «لا يقال» ، وحاصله : انا نقول : انما يكون الفرض في مقدمات الانسداد هو عدم الاحتياط حيث يكون المدار على العلم الاجمالي الاول ، وهو العلم اجمالا بوجود تكاليف واقعية فعلية يجب التعرض لامتثالها.
ومن الواضح ان الاحتياط في الاتيان بكل ما يحتمل كونه تكليفا موجب اما لاختلال النظام او للعسر والحرج ، واما اذا كان معلومنا الاجمالي هو في خصوص الطرق فلا يلزم من امتثاله بالاحتياط في اطرافه عسر فضلا عن اختلال نظام.