.................................................................................................
______________________________________________________
والحاصل : ان النهي عن القياس ـ بناء على الطريقيّة ـ لا ينافي الظن بالمفرّغية ، لانه ظن فعلي بالاصابة ، وانما ينافي الحكم بالمفرّغية على تقدير الخطأ والتخلف عن الواقع ، ومع الظن بالواقع ـ فعلا ـ فلا بد من الظن بالاصابة فعلا.
وبعبارة اخرى : ان المنافي للظن بالفراغ هو القطع بعدم الفراغ ، والقطع بعدم الفراغ انما يكون في فرض الخطأ والتخلف ، ومعنى عدم الحجية لشيء ـ بناء على الطريقيّة ـ ليس هي عدم الاصابة واقعا ، بل هي عدم المعذّرية عند الخطأ.
ودعوى عدم شمول ادلة النهي عن القياس للقائس المؤدي الى حجية طريق شرعي واضحة الفساد ، فانه اذا كان النهي عن القياس طريقيا فلا فرق بين كونه مؤديا الى حكم شرعي او الى طريق شرعي ، واذا كان الظن القياسي القائم على طريق شرعي مستلزما للظن بالفراغ على الفرض ، فلا بد وان يكون الظن القياسي المؤدّي الى حكم شرعي ايضا كذلك ، فهما على حد سواء.
ومن الواضح ايضا ان القياس القائم على طريق لا يكون سلوكه موجبا للظن بالمعذّر الجعلي ، لفرض كونه قياسا منهيا عنه ، ولا يكون موجبا للظن بالمعذّر عند الشارع ، وان كان مستلزما للظن بالفراغ لاحتمال الخطأ غير المعذور فيه عند الشارع.
فاتضح عدم الفرق بين الظن بالواقع الحاصل من القياس وبين الظن بالطريق الحاصل من القياس ، وهما سواء في استلزام الظن بحكم الشارع بالفراغ ، ولا فرق بينهما اصلا وان سلوك الظن القياسي غير معذّر على فرض الخطأ والتخلّف ، وانه من التجري حيث ان مخالفة النهي الطريقي كمخالفة الامر الطريقي خروج عن زي الرقية ومراسم العبودية.
وقد اشار الى هذا بقوله : «ولا ينافي القطع بعدم حجيته» أي إن الظن الحاصل من القياس مستلزم للظن بالبراءة وان قطعنا بعدم حجيته لدى الشارع ، لان الملازمة هي بين الظن بكونه حكما واقعيا والظن بالبراءة باتيانه ، ولا منافاة بينه وبين القطع بعدم حجية هذا الظن ، فان القطع بعدم الحجية ينافي القطع بالبراءة دون الظن