وأما بيان حكم الجاهل من حيث الكفر والاسلام ، فهو مع عدم مناسبته خارج عن وضع الرسالة (١).
______________________________________________________
وحاصل الاستدلال بهذه الآية الكريمة هو دلالتها على كون الغاية للوجود لكل فرد من الجن والانس هي المعرفة والعبادة المستلزمة للمعرفة ، ولما كانت هذه الغاية غاية لأصل خلقة كل فرد من الجن والانس فما لا يمكن تحقق الغاية فيه لا يعقل ان يكون موجودا ، لان الموجود الممكن مرتبط بعلته الغائية كارتباطه بعلته الفاعلية ، ومن الواضح ايضا ان من لا استعداد له ـ وهو القاصر ـ لا يمكن تحقق هذه الغاية فيه ، وقد عرفت ان ما لا يمكن تحقق الغاية فيه لا يعقل ان يكون موجودا ، فالقاصر لا يعقل ان يكون موجودا.
والجواب عنه حلا ونقضا : أما حلا فلانه لا ظهور في الآية لكون المعرفة والعبادة غاية لخلقة كل فرد فرد ، بل الظاهر منها انها غاية لخلق جنس الجن والانس.
واما نقضا فبخلقة الصبيان الذين يموتون قبل البلوغ ، والمجانين الذين يستمر جنونهم قبل البلوغ الى ما بعد البلوغ حتى الموت ، فانه لا اشكال في عدم امكان تحقق المعرفة منهم مع انهم مخلوقون ، ولو كانت هذه الغاية غاية لخلقة كل فرد فرد لما خلقوا ، فلا بد وان تكون الغاية غاية للنوع لا للفرد.
(١) لما فرغ من بيان حكم الجاهل من حيث العقاب وعدمه بمعذورية الجاهل القاصر وعدم استحقاقه للعقاب ، وبعدم معذورية الجاهل المقصر واستحقاقه للعقاب ... اشار الى ان التعرض لحكم الجاهل والمعتقد من ناحية ما يترتب عليهما من الآثار الشرعية كالطهارة والنجاسة ، ومثل صحة الزواج ـ دواما ـ وعدمه ، وغيرهما من الآثار للكفر والاسلام لا مناسبة للبحث عنه في اصول الفقه ، وانما يبحث عنه في الفقه ، ومن الواضح ان موضوع هذا الكتاب هو البحث عن اصول الفقه لا عن الفقه.
ومن الواضح ايضا : ان الجهل بالله تعالى وبصفاته وبنبوة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كفر وان كان الجهل عن قصور ، فلا ينافي المعذورية عن العقاب والتخليد في النار ترتيب آثار