ولا يصغى إلى ما ربما قيل : بعدم وجود القاصر فيها ، لكنه إنما يكون معذورا غير معاقب على عدم معرفة الحق ، إذا لم يكن يعانده ، بل كان ينقاد له على إجماله لو احتمله. هذا بعض الكلام مما يناسب المقام (١) ،
______________________________________________________
الى القصور عن غفلة بقوله : «ان القاصر يكون في الاعتقاديات للغفلة» واشار الى القصور لعدم الاستعداد بقوله : «او عدم الاستعداد للاجتهاد فيها لعدم وضوح الامر بمثابة» يكون الجهل بها مسببا عن عدم الاستعداد لادراكها وهو الجاهل القاصر ، وليس الجهل عنده مع الاستعداد حتى «لا يكون الجهل بها الا عن تقصير» كما في الجاهل المقصّر ، فان جهله بالاصول لما كان مع الاستعداد وعدم الغفلة فلا يكون جهله الا عن تقصير منه ، ولذا لم يكن معذورا ، بخلاف الجاهل القاصر فانه معذور بحكم العقل ، ولذا قال (قدسسره) : «فيكون معذورا عقلا».
(١) لا يخفى انه انكر بعضهم وجود الجاهل القاصر خارجا ، ولو كانت براهينه على انكاره لا يهتدى الى الخدشة فيها لكانت من الشبهة في مقابل الوجدان والعيان ، لما عرفت من وجود الجاهل القاصر خارجا وجدانا وعيانا ... فكيف؟
وما ذكره من الادلة على عدم وجود القاصر ظاهر الخدشة ، فلا ينبغي ان يصغى الى هذا الانكار وهذه الدعوى.
وعلى كل ، فقد ادعي عدم وجود القاصر ، وان المقصّر على نوعين : نوع معذور غير معاقب وهو الذي يعقد قلبه على الواقع اجمالا حيث يحتمله ، ونوع غير معذور ومعاقب وهو الذي مع احتماله لا يعقد قلبه على الواقع مع تركه للفحص عنه.
وما استدل به لهذه الدعوى امور اهمها : قوله تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)(١) سواء كان المراد منها هي المعرفة او العبادة ، لوضوح كان الجاهل بالحق لا عبادة له للحق.
__________________
(١) الذاريات : الآية ٥٦.