الاستحقاق والفعلية (١) ، لما صح الاستدلال بها إلا جدلا ، مع وضوح منعه ، ضرورة أن ما شك في وجوبه أو حرمته ليس عنده بأعظم مما علم
______________________________________________________
عنه «ببعث الرسل لعله كان منّة منه تعالى» وفي تعبيره بلفظ لعل دلالة على احتمال كون المنفي هي الفعليّة ، وعلى كل فيحتمل كون المنفي هي فعلية التعذيب قبل البيان منة منه تعالى «على عباده مع استحقاقهم لذلك» أي العقاب ، وعلى هذا فلا دلالة لها على ما هو المدعى في المقام من عدم الاستحقاق عند عدم البيان.
ويحتمل ان يشير المصنف بقوله : «لعله كان منّة منه تعالى» الى ان احتمال ورودها مورد المنة هو الموجب لاحتمال كونها في مقام رفع الفعليّة ، لان رفع العقاب حيث لا استحقاق فيه لا يكون فيه منّة ، وانما تكون المنّة في رفع الفعلية مع الاستحقاق ، وحيث يحتمل كون ورودها مورد المنّة لذا كان المحتمل ايضا ان تكون في مقام رفع الفعليّة دون الاستحقاق.
لا يقال : لا يحتمل ورودها مورد المنّة حتى يكون رفع الفعلية محتملا لتصريحها برفع العقاب قبل اتمام الحجة ببعث الرسل ، وحيث لا تتم الحجة لا بد وان يكون المرفوع هو الاستحقاق لعدم احتمال كون احتمال البيان منجزا.
فانه يقال : ليست المنّة المحتملة لدعوى كون الاحتمال بنفسه منجزا ، بل المنّة انما هي في مورد الاحتمال حيث يمكنه تعالى ان يجعل الاحتياط في هذا المقام ، فتكون المنّة في رفع الاحتياط في مورد امكان جعله ، فيكون المراد من الآية بناء على ارادة نفي الفعلية فيها انا رفعنا فعلية العقاب عنهم في مورد عدم البيان ، لانه يمكننا جعل الاحتياط في هذا المقام فلم نجعله منّة منّا على عبادنا ، فما لم يصل البيان منّا اليهم ففعلية العذاب عنهم مرفوعة منّة منّا عليهم ، لامكان ان نجعل الاحتياط في هذا المقام فلم نجعله لاجل المنّة ، وكانت فعلية عذابنا لهم منوطة بوصول البيان.
(١) توضيحه : ان الشيخ (قدسسره) في رسائله قال في كلامه على دلالة هذه الآية المباركة : انها وان كانت غير ظاهرة في نفي الاستحقاق حتى تكون دليلا لنا على