.................................................................................................
______________________________________________________
اما بعدم تبليغه له لانبيائه واوصيائه وسائط التبليغ ، أو انه اطلعهم عليه ومنعهم من اظهاره ، ومن الواضح ان مورد الشك الذي هو المهم من محل الكلام في المقام هو الشك في التكليف المبلغ الذي اريد اظهاره واطلاع العباد عليه ، ولكنه اختفى لإخفاء المخفين له دون التكليف الذي اراد الله اخفاءه وحجبه ، فيكون لسان هذا الحديث لسان الحديث الوارد عن امير المؤمنين عليهالسلام : (ان الله حدّد حدودا فلا تعتدوها وفرض فرائض فلا تعصوها وسكت عن اشياء لم يسكت عنها نسيانا لها فلا تتكلفوها رحمة من الله لكم) (١) فان التكاليف التي سكت الله عنها ليست هي مورد الكلام في المقام ، ومثلها التكاليف التي حجب الله العلم عنها فانها ايضا ليست مورد الكلام ، بل مورد الكلام التكاليف التي ما سكت عنها واظهرها ولكنها اختفت باخفاء الظالمين وكتمانهم لها ، والى هذا اشار بقوله : «إلّا انه ربما يشكل» في دلالة هذا الحديث على البراءة فيما هو محل الكلام في المقام «بمنع ظهوره في وضع ما لا يعلم من التكليف» الذي لم يحجب الله العلم عنه واظهره على لسان مصادر التبليغ ولكنه اختفى لإخفاء الظالمين «بدعوى ظهوره» أي بدعوى ظهور الحديث المزبور «في خصوص» التكليف الذي لم يرد اظهاره وهو «ما تعلقت عنايته تعالى بمنع اطلاع العباد عليه» لمصلحة في اخفائه عنهم ، وقد اقتضت تلك المصلحة «لعدم امر رسله بتبليغه».
ثم اشار الى وجه هذا الظهور بقوله : «حيث انه بدونه لما صحّ اسناد الحجب اليه تعالى» أي لما كان الظاهر من هذا الحديث كون الحاجب عن العلم به هو الله ، فلذلك كان مختصّا بالتكليف الذي لم يرد اظهاره ومنع من اطلاع العباد عليه.
ومن الواضح : ان التكليف الذي اختفى لإخفاء المخفين له لم يكن السبب في حجب العلم به هو الله ، بل كان السبب في حجبه هو إخفاء الظالمين ، فنسبة الحجب
__________________
(١) نهج البلاغة ، الحكم ١٠٢.