فإنه يقال : لم يعلم الوجوب أو الحرمة بعد (١) ، فكيف يقع في ضيق الاحتياط من أجله (٢)؟ نعم لو كان الاحتياط واجبا نفسيا كان وقوعهم
______________________________________________________
يقال قد علم به» أي قد علم بدليل الاحتياط «وجوب الاحتياط» فيكون واردا على دليل السعة لتقيّد موضوعه بعدم العلم.
(١) بيانه ما عرفت من ان موضوع دليل السعة هو عدم العلم بالتكليف لا عدم العلم بالمنجّز له ، ودليل الاحتياط ـ بناء على الطريقية ـ منجّز للتكليف الواقعي لا انه موجب للعلم به ، فان الواقع بعد على جهالته وانما كان دليل الاحتياط منجّزا له ، فدليل السعة ودليل الاحتياط متعارضان ، لان المستفاد من دليل السعة عدم تنجز الحكم الواقعي في حال الجهل به ، والمستفاد من دليل الاحتياط تنجز الواقع به ، والواقع بعد باق على جهالته ولم يعلم به حتى يرتفع موضوع دليل السعة به ، ولذا قال (قدسسره) : «لم يعلم الوجوب والحرمة بعد» أي عند قيام دليل الاحتياط لم يعلم الوجوب والحرمة الواقعيين به ، وهما باقيان بعد على الجهالة فلا يرتفع بدليل الاحتياط موضوع دليل السعة ليكون واردا عليه.
(٢) توضيحه : ان دليل السعة بعد ان كان موضوعه هو التكليف المجهول وعدم العلم بالواقع ، فهو يدل على انه ما لم يعلم التكليف فالناس في سعة من جانبه ، وانما يكونون في ضيق من جهته فيما اذا علم به ، وقد عرفت ان دليل الاحتياط لا يوجب العلم بالواقع وانما ينجّزه والواقع بعد على الجهالة وان قام دليل الاحتياط على تنجزه ، ففي حال قيام دليل الاحتياط موضوع دليل السعة موجود وهو عدم العلم بالواقع ، ومع قيام موضوعه فمحصله نفي الضيق من جانب الواقع ، فلا ينبغي ان يقع الناس في ضيق الاحتياط من اجل التكليف الواقعي المجهول مع قيام الاحتياط الطريقي عليه ، لان دليل السعة قد نفى الضيق من جانبه حيث يكون مجهولا ويكون المتحصّل من الدليلين هو تعارضهما ، لان دليل السعة ينفي الضيق من جانب الواقع ودليل الاحتياط يقتضي الضيق بالوقوع في كلفة امتثال الواقع.