قلت : استقلاله بذلك ممنوع ، والسند شهادة الوجدان ومراجعة ديدن العقلاء من أهل الملل والاديان ، حيث إنهم لا يحترزون مما لا تؤمن مفسدته ، ولا يعاملون معه معاملة ما علم مفسدته (١) ، كيف؟ وقد أذن الشارع بالاقدام عليه ، ولا يكاد يأذن بارتكاب القبيح (٢) ،
______________________________________________________
العقل بقبح نفس الاقدام «شيخ الطائفة (قدسسره) على ان الاشياء على الحظر او الوقف» فلا وجه للحكم بالبراءة والاباحة في محتمل الوجوب والحرمة لاستلزام احتمالها لاحتمال المفسدة وترك المصلحة ، والعقل مستقل بقبح الاقدام على ذلك : أي بعنوان احتمال المفسدة واحتمال ترك المصلحة ، لا لان احتمال المفسدة ترك المصلحة من جهة احتمال الضرر حتى يكون الاستدلال عليه بقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل ، بل هو لان نفس احتمال المفسدة مورد حكم العقل بقبح الاقدام عليها ، ولذلك قال ان الأشياء كلها على الحظر او الوقف دون الترخيص ، فلا مجال للبراءة بعد حكم العقل بقبح الاقدام على محتمل المفسدة.
(١) لا يخفى ان المصنف قد ناقش في الكبرى وانكر نفس استقلال العقل بقبح نفس الاقدام ، وسنده شهادة الوجدان من حال العقلاء واهل الاديان ، انهم لا يعاملون مع محتمل المفسدة كمعاملتهم مع معلوم المفسدة : أي لا يعاملون محتمل الوجوب والحرمة معاملة مقطوع الوجوب والحرمة ، واليه اشار بقوله : «حيث انهم لا يحترزون ... الى آخر الجملة».
وينبغي ان لا يخفى ان المناقشة هنا تنحصر في الكبرى ، لوضوح ان مورد احتمال الحرمة او الوجوب مما لا ريب في كونه مورد احتمال المفسدة وترك المصلحة.
(٢) حاصله : دليل آخر إنّي على عدم صحة الدعوى المذكورة ، وان العقل غير مستقل بقبح نفس الاقدام على ما لا يؤمن مفسدته ، وهي انه لا يعقل ان يرخص الشارع في فعل ما هو قبيح عقلا ، وقد عرفت مما سبق دلالة الروايات على اذن