قلت : قضية الاعتبار شرعا ـ على اختلاف ألسنة أدلته ـ وإن كان ذلك على ما قوينا في البحث ، إلا أن نهوض الحجة على ما ينطبق عليه المعلوم بالاجمال في بعض الاطراف يكون عقلا بحكم الانحلال ، وصرف تنجزه إلى ما إذا كان في ذاك الطرف والعذر عما إذا كان في سائر الاطراف ، مثلا إذا علم إجمالا بحرمة إناء زيد بين الإناءين وقامت البينة على أن هذا إناؤه ، فلا ينبغي الشك في أنه كما إذا علم أنه إناؤه في عدم لزوم الاجتناب إلا عن خصوصه دون الآخر (١) ، ولو لا ذلك لما كان يجدي
______________________________________________________
الحكم الواقعي المعلوم بالاجمال؟ والى هذا اشار بقوله : «ان قلت انما يوجب العلم بقيام الطرق المثبتة له» أي للتكاليف «بمقدار المعلوم بالاجمال ذلك» وهو الانحلال للعلم الاجمالي بالعلم التفصيلي باحكام يحتمل انطباق المعلوم بالاجمال عليها فيما «اذا كان قضية الطريق على تكليف موجبا لثبوته فعلا» وهذا انما يكون بناء على ان المجعول في الامارات هو الحكم الطريقي على مؤداها ، «واما بناء على ان قضية» أي بناء على ان قضية الجعل في الطريق هو جعل محض «حجيته واعتباره شرعا» من دون ان يكون هناك حكم مجعول على طبقها اصلا بل «ليس» المجعول فيها «الّا ترتيب ما للطريق المعتبر عقلا» وهو القطع على الطريق الشرعي وهو الامارات بان يكون لها من الآثار ما للقطع من الآثار «وهو تنجز ما اصابة» الطريق «والعذر عما أخطأ عنه» الطريق ، وعلى هذا فلا حكم في مورد الطرق والامارات حتى يمكن ان ينطبق عليه المعلوم بالاجمال ، وحيث لا حكم في الامارات معلوم بالتفصيل «فلا انحلال لما علم بالاجمال اولا كما لا يخفى».
(١) حاصله : انه لا يختلف الحال في انحلال العلم الاجمالي لاحتمال الانطباق سواء قلنا بان المجعول في الامارة هو الحكم الطريقي ، او كان المجعول فيها هو نفس الحجية والطريقيّة وانها منجزة لو اصابت ومعذرة لو اخطأت كما هو المختار للمصنف ، وتقدم تحقيقه في مبحث جعل الامارة من مباحث الظن ، بل لو قلنا بان المجعول فيها