والمفاسد التي هي مناطات الاحكام ليست براجعة إلى المنافع والمضار ، بل ربما يكون المصلحة فيما فيه الضرر ، والمفسدة فيما فيه المنفعة ، واحتمال أن يكون في المشتبه ضرر ضعيف غالبا لا يعتنى به قطعا ، مع أن الضرر ليس دائما مما يجب التحرز عنه عقلا ، بل يجب ارتكابه أحيانا فيما كان المترتب عليه أهم في نظره مما في الاحتراز عن ضرره ، مع القطع به فضلا عن احتماله (١).
______________________________________________________
حتى يكون الاقدام عليه من مصاديق هذه القاعدة ، ولذا اشار (قدسسره) الى منع هذه القاعدة بقوله : «ممنوع».
(١) لا يخفى انه اذا اريد الاستدلال بقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل في مسألة الحظر لا بد وان يراد ايضا من احتمال الضرر هو المفسدة الدنيوية ، بخلاف الاستدلال بها في الشبهة البدوية المحتملة للتكليف ، فانه قد مرّ ان احتمال الضرر مردد فيها بين الضرر الاخروي والضرر الدنيوي كما تقدّم بيانه ، لما عرفت من عدم معقولية ان يراد منها المضرة الاخروية وهي العقاب على احتمال التكليف لفرض عدم التكليف هنا ، وقد عرفت ايضا ان احتمال المفسدة الدنيوية ضعيف غير معتنى به ، وما كان غير معتنى به عندهم لا يعقل ان يحكموا بوجوب دفعه ، واليه اشار بقوله : «فان المفسدة المحتملة في المشتبه ليس بضرر غالبا» ، لان المراد من الضرر هو الضرر الشخصي ، ومن المعلوم «ضرورة ان المصالح والمفاسد التي هي مناطات الاحكام ليست براجعة الى المنافع والمضار» الشخصية «بل ربما يكون المصلحة فيها الضرر» الشخصي كمصلحة الزكاة «والمفسدة» النوعية «فيما فيه المنفعة» الشخصية كالربا «واحتمال ان يكون في المشتبه ضرر» شخصي «ضعيف غالبا لا يعتنى به قطعا» وما لا يعتنى به لا يجب دفعه.
ولا يخفى ان هذا راجع الى منع الصغرى وهي ان الشبهة ليست من مصاديق قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل.