.................................................................................................
______________________________________________________
ومنه يتبيّن الحال في محل الكلام ، فان الظن بالتكليف ـ بعد ان كانت التكاليف تابعة للمصالح والمفاسد النوعية ـ لا يكون ملازمة بين مخالفة التكليف فيها والظن بالضرر ، ولذا قال (قدسسره) : «واما المفسدة فلانها» بناء على تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد في متعلقاتها «وان كان الظن بالتكليف يوجب الظن بالوقوع فيها لو خالفه» أي الوقوع في المفسدة لو خالف التكليف ، فالملازمة المسلمة هي الملازمة بين الظن بالتكليف وبين الوقوع في المفسدة عند المخالفة للتكليف «إلّا انها ليست بضرر على كل حال» أي الوقوع في المفسدة النوعية التي هي مناط التكليف ليس وقوعا في الضرر ، لما عرفت من ان الضرر الذي يجب دفعه هو الضرر الشخصي لا النوعي ، وقد عرفت ايضا انه لا ملازمة بين فعل الفاعل للقبيح وبين فعله لما هو ضرر عليه ، ولذا قال : «ضرورة ان كلما يوجب قبح الفعل من المفاسد لا يلزم ان يكون من الضرر على فاعله» كما مرّ بيانه واضحا في المخالفة القطعية للتكليف القطعي الواصل ، فالعاصي وان كان قد ارتكب قبيحا يستحق عليه العقاب قطعا ، الّا انه لا يكون مرتكبا لما هو ضرر عليه ، ولذا قال : «بل ربما يوجب حزازة ومنقصة في الفعل بحيث يذم عليه فاعله بلا ضرر عليه اصلا».
ولا يخفى انه لما كان الغالب في مناطات الاحكام هي المصالح والمفاسد النوعية ، والّا فقد يكون المناط هو المصلحة والمفسدة الشخصيّة ـ اشار الى ذلك بقوله : «ربما».
ويكون المتحصّل من هذا الجواب هو نفي الايجاب الكلي ، وهو كون كل ظن بالتكليف مستلزما للظن بالضرر من ناحية الوقوع في المفسدة ، وقد اشار الى هذا ايضا في صدر كلامه بقوله : «ليست بضرر على كل حال».
لا يقال : ان المصنف قد اعترف بان الظن بالتكليف ملازم للظن بالوقوع في المفسدة ، والمفسدة حينئذ كانت شخصية فيجب دفعها بملاك فرار كل ذي شعور من الضرر ، وان كانت نوعية فيجب دفعها بملاك قاعدة الحسن والقبح.