وأما المقدمة الرابعة : فهي بالنسبة إلى عدم وجوب الاحتياط التام بلا كلام ، فيما يوجب عسره اختلال النظام ، وأما فيما لا يوجب ، فمحل نظر بل منع ، لعدم حكومة قاعدة نفي العسر والحرج على قاعدة الاحتياط ، وذلك لما حققناه في معنى ما دلّ على نفي الضرر والعسر ، من أن التوفيق بين دليلهما ودليل التكليف أو الوضع المتعلقين بما يعمهما ، هو نفيهما عنهما بلسان نفيهما ، فلا يكون له حكومة على الاحتياط العسر إذا كان بحكم العقل ، لعدم العسر في متعلق التكليف ، وإنما هو في الجمع بين محتملاته احتياطا.
______________________________________________________
ويمكن ان يكون غرضه هو كون نفس الاهتمام من الشارع بلزوم التعرّض لامتثال احكامه في الباقي هو المنجز لها من دون حاجة الى منجّزية العلم الاجمالي ، فانه كما يمكن ان يكون العلم الاجمالي من وجوه البيان التي تتنجز بها الاحكام ، كذلك نفس العلم بالاهتمام من وجوه البيان الموجب لتنجّز الاحكام بحيث لا تجري معه قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، فان عبارة المتن لا تأبى عن حملها على هذا المعنى ، والضمير في قوله : عدم ايجابه الاحتياط يرجع الى العلم بالاهتمام : أي ان العلم بالاهتمام من الشارع هو بحيث ينافيه عدم ايجاب الاحتياط.
ولا يخفى ان ما ذكر من كون الترخيص في بعض الاطراف موجبا لعدم تنجز العلم الاجمالي انما هو اذا كان الترخيص في الارتكاب بمقدار المعلوم بالاجمال ، واما اذا كان الترخيص بمقدار اقل من العلم الاجمالي فالعلم الاجمالي باق على تنجيزه ، كما لو علمنا بنجاسة اكثر من إناء واحد ووجب شرب اناء واحد من اطراف الشبهة ، فان العلم الاجمالي بنجاسة ما هو الاكثر من الواحد باقية منجزة ، فلا تغفل.