وأفحش منه التّمسّك بالسّيرة في المقام ، سواء اريد سيرة العلماء أو الخواصّ أو الأعمّ من عمل العوام ، حيث إنّ كشفها بعد تحقّقها مشروط بشروط مذكورة في محلّها.
فالانصاف عدم وجود ما يطمئنّ به النّفس في المسألة ، سيّما الضرورة الدينية المدعاة في كلام من تقدّم سيّما على التّفصيل المذكور فيه.
وإذ قد عرفت الامور المسطورة في المقدّمة ، عرفت وجه ما اخترناه ، ووجوه المناقشة في حجج المفصّلين ؛ فلا جدوى للتّعرّض التّفصيلى وانفراد كلّ فقرة من كلماتهم بالبحث والكلام ، مع أنّا تعرّضنا لشرح ما يتوجّه على الفاضل النّراقى في ما علّقناه على الجزء الثّانى من كتاب شيخنا العلّامة قدسسره عند تعرّضه له ، من أراد الوقوف عليه فليرجع إليه.
نعم ، قد يقال : بخروج فنّ الأحكام عن حريم النزاع ، من حيث إنّ البحث فيه عند التحقيق يرجع إلى ما يتعلّق بالسبب الموجود ، ويترتّب عليه في المستقبل ، كما في جواز أكل الذبيحة مع فرى ودجيها مثلاً في زمان كفايتها بمقتضى الرأى السابق ، وإن نوقش فيه بأنّ الحال كذلك عند التأمّل في جميع موارد النقض ، فتأمّل ؛ هذا كلّه في ما كان التّبدّل ظنّيّاً.
وأمّا إذا كان شكّيّاً ، بأن أوقع عبادة خالية عمّا قيل باعتباره فيها ، من جهة دليل قطعى أو ظنّى قام عنده على عدم اعتباره فيها ، ثمّ عرض له الشّكّ في اعتباره ، من جهة مصادمة ما اطّلع عليه ثانياً لما وقف عليه أوّلاً واستند إليه ، مع كون الأصل عنده في ماهيّة العبادات الاشتغال ، من جهة شكّه فيه من أوّل الأمر ، مع كون الأصل عنده البراءة سابقاً في زمان العمل الخالى عنه ، ورجوعه عنه ثانياً بالبناء على أصالة الاشتغال.
أو معاملة كذلك ، ثمّ عرض له الشّكّ من جهة مصادمة ما اطّلع عليه ثانياً لما ركن إليه أوّلاً ، بحيث لم يجز له الرّجوع مع هذا الشّك إلى عمومات الصّحّة أو إطلاقاتها ، وإلا فيخرج عن موضوع المسألة.